لندن ـ 'القدس العربي' ـ من سمير ناصيف: تنظم الجمعية الفلسطينية في 'كلية الدراسات الشرقية والافريقية (سواس) في جامعة لندن، ومؤسسة 'النكبة 60'، مؤتمرا في قاعة 'بروناي' في الكلية يبدأ اليوم السبت، ويستمر لمدة يومين بعنوان 'النكبة: ستون عاما من الاستيلاء على الممتلكات والحقوق، وستون عاما على المقاومة'. يتحدث في جلسته الصباحية الاولى الدكتور وليد الخالدي، المؤسس المشارك لمعهد الدراسات الفلسطينية، والاكاديمي والناشط الدولي البارز في الدفاع عن حقوق الفلسطيني، حيث سيلقي الكلمة الافتتاحية، ويشارك فيه اكاديميون وملتزمون كبار للقضية الفلسطينية ولحقوق الفلسطينيين، بينهم فلسطينيون ويهود معادون للصهيونية، ابرزهم الاستاذ في جامعة اكستر البريطانية ايلان بابي، والاستاذ الفخري في كلية كينغز كوليدج في جامعة لندن موشيه ماكوفر، والكاتب الامريكي نورمان فينكلشتين صاحب كتاب 'صناعة الهولوكوست' الذي افقده منصبه الاكاديمي في الجامعات الامريكية، بسبب ضغوط اللوبي الصهيوني، ومن ابرز المشاركين الفلسطينيين والعرب في المؤتمر الدكتور صالح عبد الجواد من المؤتمر الدكتور صالح عبد الجواد من جامعة بيرزيت، والدكتورة كمة النابلسي من جامعة اوكسفورد البريطانية، والدكتورة رندة فرح من جامعة اونتاريو الكندية والدكتور جيلبير اشقر من 'سواس' والدكتور خالد حروب من جامعة كيمبردج وآخرون.
ولعله من المفيد في هذه المناسبة استعراض ما كتبه الدكتور ايلان بابي في فصل ورد في كتاب للدكتورة رونيت لينتين، المحاضرة في جامعة ترينيتي كوليدج (في دبلن ايرلندا) بعنوان: 'التفكير في فلسطين' الصادر عن دار (ZED Books) في لندن ونيويورك، لكونه يرتبط بالمؤتمر وبما يجري حاليا في اسرائيل، حيث يتحكم السياسي الاسرائيلي العنصري افيغدور ليبرمان، المعادي للوجود العربي الفلسطيني في اسرائيل، بعملية تأليف الحكومة الاسرائيلية الجديدة ويفرض شروطه عليها (عنوان الفصل الذي كتبه ايلان بابي في كتاب رونيت لينتين (ابتداء من صفحة 148) هو 'دولة اسرائيل المخابراتية هي دولة قمع وليست دولة تستحق الاستثناء'. ويورد في الصفحتين 162 ـ 163 من الكتاب ما يلي: 'الضحية الاولى لدولة المخابرات الاسرائيلية كان (حزب التجمع الديمقراطي) الذي اسسه ويقوده منذ عام 1995 الدكتور عزمي بشارة، الذي ادخل الحياة النابضة الى النقاش السياسي الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ولكن الدولة الاسرائيلية المخابراتية لم تتحمل الآراء والمواقف التي طرحها بشارة وخصوصا كونه رغب بامتداد الهوية الفلسطينية المشاركة ونشرها في اسرائيل وفلسطين والعالم العربي، وفي تحويل اسرائيل الى دولة لجميع سكانها بمساواة فيما بينهم'. ويضيف بابي قائلا: 'في عام 2007 طُرد بشارة من اسرائيل واتُهم بالتجسس لحزب الله اللبناني، في حرب اسرائيل مع لبنان في عام 2006، ومنذ ذلك الحين يتنقل بشارة بين دولة عربية واخرى. بيد ان اي قائد فلسطيني لم ينجح في تحقيق ما حققه بشارة'. ويزيد بابي قائلا: 'حاولت دولة اسرائيل المخابراتية التعامل مع الشيخ رائد صلاح، زعيم الحركة الاسلامية في فلسطين في عام 1996 بنفس الطريقة التي تتعامل فيها حاليا مع بشارة وسجنته من دون محاكمة. ولم تستطع اثبات اي تهمة ضده، كما لن تستطيع اثبات اي تهمة ضد بشارة، لان حزب الله اللبناني لم يكن يحتاج لمعلومات من بشارة في حربه ضد اسرائيل عام 2006. ولكن دولة المخابرات الاسرائيلية كانت مرتاحة لما فعلته، وذلك لردع اي سياسي عربي فلسطيني عن اتخاذ مواقف جريئة ضد اسرائيل'.
ولعل الدكتور عزمي بشارة، حسب ما ورد في مواقف ايلان بابي في هذا الكتاب، هو الغائب الاكبر عن هذا المؤتمر الشديد الاهمية بالنسبة لمستقبل فلسطين.
وتحدث بابي في مقاله عن الهجوم المخابراتي الاسرائيلي الثاني على وثائق نشرتها منظمات حقوق انسان فلسطينية في عام 2007 ركزت على الهوية المشتركة للفلسطينيين، المقيمين في فلسطين وخارجها، والتي اعتبرها رئيس الشاباك الاسرائيلي خطرا امنيا على اسرائيل، وهذه المنظمات: 'عدالة' وجمعية متابعة حقوق السكان العرب في اسرائيل (من رؤساء مجالس بلدية واعضاء في الكنيست) وجمعية 'الكرمل' وجمعية 'مساواة'، دعت الى انشاء كيان داخل حدود 1967 يحترم حقوق جميع سكانه من مختلف الاديان والهويات ويسعى لحل مشكلة اللاجئين ولانهاء الاحتلال. ويقول بابي في صفحتي 163 ـ 164 من الكتاب: 'اعتبر يوفال ديسكن رئيس الشاباك آنذاك هذه الوثائق تحريضية، واغلق المؤسسات الاربع.. وبذل مجهودا لاصدار التشريعات لوقف هذا التحريض، وتعديل القوانين لتتماشى مع اعلان الجميع الولاء لاسرائيل وطبيعتها اليهودية، ورفضها لحماس'.
وبالتالي، ما يقوله بابي هو ان مواقف ديسكن تتواصل مع مواقف افيغدور ليبرمان التي تتهم العرب الفلسطينيين المقيمين في اسرائيل بعدم الولاء للدولة اليهودية الاسرائيلية وبضرورة فرض هذا الولاء عليهم، ومنع المطالبة بهوية فلسطينية مستقلة بداخل دولة يهودية عنصرية لا تتحمل مثل هذه المواقف.
ويؤكد بابي في مقاله ان 'انشغال القيادة الاسرائيلية بصراعاتها الداخلية والحرب التي شنتها ضد لبنان في عام 2006، ومواجهة التهم بالرشاوى والفساد، ساهم في تعزيز دور الدولة المخابراتية الاسرائيلية وفي هيمنة الجيش والمخابرات على الحياة الاسرائيلية. وحوّل اسرائيل الى دولة مخابراتية شبيهة بالدول العربية المحيطة بها (ص 164).
ويستخلص بابي قائلا بان 'اسرائيل ستخسر في المدى البعيد، الدرع الوقائي السياسي والاخلاقي الذي وفره لها المجتمع الغربي ودوله (خصوصا امريكا)، اذا استمرت بالعمل كدولة قمعية ومخابراتية. وستصبح كجنوب افريقيا العنصرية، وستعامل بقسوة اكبر على تجاوزاتها مما عوملت حتى الان، وستصبح دولة مارقة. وهذا سيضيء نورا في نهاية النفق، ويعطي الامل بدلا من اليأس والغضب للفلسطينيين.