غزة ـ 'القدس العربي' من أشرف الهور:استقبل سكان غزة التي شهدت قبل أكثر من عشرين شهراً انقساما مريراً بين حركتي فتح وحماس، بدء مباحثات الحوار في القاهرة بـ 'تفاؤل'، لكنه كان مصحوبا بالحذر الشديد أيضاً، خاصة وأن مصالحات سابقة أبرمتها الحركتين لم توقف مسلسل الخلافات السياسية.
كثيراً من السكان راقبوا أولى جلسات الحوار عبر شاشات التلفزيون، لكن لم يشهد الشارع الغزي اي مظاهر تدل على البهجة كما حدث في اتفاق مكة في آذار (مارس) 2007، حين خرجت مظاهرات تأييد من نشطاء الحركتين، أطلقت خلالها أعيرة نارية ابتهاجاً في الهواء.
يقول يوسف أبو خطاب انه يأمل أن تشهد الحوارات انتهاء حقبة الخلاف الفلسطيني إلى الأبد، ولم يشكك خطاب في إمكانية الوصول إلى المصالحة، لكنه قال انه يظل قلقا لحين الوصول إلى اتفاق نهائي 'يطبق على أرض الواقع'.
ويذكر خطاب أن عدة اتفاقات تم التوصل إليها سابقاً بين كبرى التنظيمات الفلسطينية وهي فتح وحماس، لكن لم يتم الالتزام بها.
ونشب الخلاف بين فتح وحماس في أعقاب سيطرة الأخيرة على قطاع غزة، بعد تغلبها على القوات الأمنية الموالية لفتح في حزيران (يونيو) 2007، وسبق هذا الخلاف الشديد بين الطرفين وصول الحركتين إلى عدة اتفاقات محلية وعربية، كان آخرها اتفاق مكة الذي رعته السعودية لكنه انهار بعد ثلاثة أشهر.
وانفردت عقب نشوب الخلافات حركة حماس في حكم غزة، فيما انفردت حركة فتح في حكم الضفة الغربية.
الحاج محمد الذي كان أمام أحد بنوك غزة ينتظر صرف مبلغ مالي لإيواء أسرته التي هدم منزلها خلال حرب إسرائيل الأخيرة على القطاع، كان أكثر تحمساً للمصالحة، فقد ترك دوره في الطابور الطويل أمام شباك صرف النقود، وألصق كتفه بشاب كان يحمل هاتف نقال في يده مزودا بخدمة تلفزيون، واستمع إلى كلمة مدير المخابرات المصرية عمر سليمان، التي افتتحت المؤتمر.
على الفور رد الحاج محمد وهو طاعن في السن على رجل آخر قال للمستمعين للخطاب 'كله كلام فاضي، عمرهم ما يتوحدوا'، يقصد فتح وحماس، بالقول 'يا راجل تأمل خير'.
ويقول هذا الرجل وهو كبير أسرة ممتدة مكونة من 18 فردا أنه بمجرد سماعه بخبر عقد مؤتمر المصالحة، ووصول الوفود للقاهرة، شعر بفرحة كبيرة، على أمل أن تكون الحكومة القادمة قادرة على إعادة المنازل التي دمرتها إسرائيل في غزة.
وكانت إسرائيل خلال حرب 'الرصاص المصبوب' دمرت أكثر من 1400 منزل ومنشآة في غزة، وشردت آلاف الأسر الفلسطينية من منازلها المدمرة، ولغاية اللحظة لم تعرف الآلية الدولية التي من خلالها سيعاد بناء هذه المنازل، من أموال المانحين.
سكان غزة يبلغ تعدادهم نحو 1.5 مليون نسمة، ويختلفون فيما بينهم سياسياً، وأيضاً تتباين آمالهم المرجوة من الوحدة بين المتخاصمين السياسيين، لكنهم يجمعون على ضرورة التوحد، في أقرب وقت.
فمثلاً ينظر صلاح صالح للمصالحة بأنها فرصة لإعادة رفع الحصار المفروض على غزة، لدخول المواد الخام التي تضمن له إعادة فتح مصنعه من جديد، في حين تنظر إسراء للمصالحة بأنها الفرصة الحقيقية للالتحاق بأهلها الذين يعيشون بالخارج، وتقول انها قدمت إلى غزة منذ سنتين للدراسة ومنذ ذلك التاريخ فشلت في رؤية أهلها بسبب إغلاق معبر رفح.
لكن إسراء لم تكن من المشككين في إمكانية التوصل إلى حلول، ورأت أن الأجواء التي صاحبت اجتماعات فتح وحماس قبل انطلاق الحوار 'كانت إيجابية بقدر يبشر بخير'.