نواكشوط ـ 'القدس العربي': بينما زاد اعلان المجلس العسكري في موريتانيا انه سينظم استفتاء من أجل تعديل الدستور في حزيران/يونيو القادم من تعقيدات أزمة الحكم، دفعت عاصفة القلق التي صاحبت إعلان الاتحاد الافريقي عن فرض عقوبات على أعضاء المجلس العسكري الحاكم، أطراف الأزمة الموريتانية أمس الاثنين لمراجعة النفس والتوجه نحو الحوار وإن بشكل حذر.
فقد التقت أحزاب الجبهة المناوئة للانقلاب أمس الاثنين مع مجموعة أحزاب موالية للمجلس العسكري بمبادرة من حزب البديل الذي يتزعمه الوزير السابق محمد يحظيه ولد المختار الحسن، أحد المقربين من الحاكم العسكري الجنرال محمد ولد عبد العزيز.
ودعت أحزاب الموالاة أحزاب المعارضة خلال هذا الاجتماع إلى التوجه لحل الأزمة السياسية الحالية التي تواجهها موريتانيا من خلال إطار جامع لحوار دائم بين الأحزاب السياسية التي تدعم الانقلاب وتلك المؤيدة للرئيس سيدي محمد ولد شيخ الذي أطاح به الانقلاب.
وشددت أحزاب الموالاة، خلال الاجتماع الذي قيل انه بالون اختبار محرك من الجنرال ولد عبد العزيز،على أن الغرض من هذا الحوار هو تجنب الأطروحات المتضاربة التي قد تضع الموريتانيين في مواجهة بعضهم البعض مع ما في ذلك من مخاطرة كبيرة على تماسك موريتانيا واستقرارها.
وأعلن أمس الاثنين كذلك عن لقاء آخر جمع قادة الجبهة المناوئة للانقلاب بالسيد أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى المعارض.
وأكد محمد ولد مولود أحد قادة الجبهة المناوئة للانقلاب في تصريح صحافي أمس
أن ولد داداه عرض على الجبهة مبادرته القائمة على صيغة 'لا سيدي، لا عزيز'، أي لا الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله ولا خليفته الجنرال ولد عبد العزيز، وأن الجبهة بدورها عرضت عليه بعضا من مبادراتها المعروفة في إشارة إلى مبادرة مسعود ولد بلخير رئيس الجمعية الوطنية ومبادرة سيدي ولد الشيخ عبد الله.
وقال محمد ولد مولود رئيس اتحاد قوى التقدم إن النقاش مستمر وان حوار الجبهة مع حزب التكتل مستمر من أجل التوصل إلى مواقف أكثر تقاربا.
ونقلت صحيفة 'تقدمي' المستقلة أمس عن مصادر خاصة أن ولد داداه طلب من الجبهة التوحد من أجل العمل على إسقاط الجنرال ولد عبد العزيز دون الدعوة لعودة الرئيس المخلوع ولد الشيخ عبد الله وأن اللقاء لم يسفر عن شيء.
من جهة أخرى اعتبر ولد مولود أن اللجنة العسكرية الحاكمة في موريتانيا هي أول من اتخذ قرار العقوبات ضد موريتانيا من خلال إطاحتها بالنظام الديمقراطي وأنها اليوم تواصل معاقبة نفسها من خلال تعرضها لعقوبات المجموعة الدولية.
ومع هذا التقارب الحذر أثار إعلان وزارة الداخلية عن تحديد يوم 20 حزيران/يونيو القادم، موعدا للاستفتاء على الدستور، سخط المعارضة الموريتانية، حيث أكد حزب تكتل القوى الديمقراطية برئاسة أحمد ولد داداه عن دهشته لتحديد وزارة الداخلية موعدا للاستفتاء على الدستور.
وأوضح الحزب في بيان أصدره أمس أنه متمسك بموقفه الرافض لتعديل الدستور في الظروف الاستثنائية الحالية وما تشهده الساحة من انقسام سياسي عميق.
وقال إن 'الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تحكم حياة الأمة، ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويشكل مرجعية الجميع؛ ومن ثم فإن أي تعديل يجب أن يخضع لرأي الخبراء الدستوريين، ولموافقة الفاعلين السياسيين وجميع المعنيين قبل أن يقدم لاستفتاء شعبي'.
هذا وعقد البرلمان الموريتاني أمس الاثنين دورة طارئة أشاد نائب رئيسه، العربي ولد جدين، في مستهلها دون الاشارة للعقوبات، بمواقف المجتمع الدولي التي وصفها بالمواقف المسؤولة تجاه موريتانيا واستقرارها وتنميتها، مطالبا بعض الأطراف الداخلية بالتنازل 'من أجل المصلحة العليا ولتجنيب موريتانيا المخاطر المحدقة بالنظام الدولي بفعل الأزمات المتلاحقة'.
ودعا ولد جدين فى خطابه أمام البرلمان الذي يسيطر عليه موالون للانقلاب،من أسماها القوى السياسية الداخلية إلى التنازل عن بعض المواقف الأنانية من أجل ضمان الصالح العام واستقرار موريتانيا محذرا من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تهدد دول العالم.
وفيما تتفاعل هذه المواقف يركز الموريتانيون اهتمامهم على تفاصيل قائمة الأشخاص الذين ستشملهم العقوبات الانتقائية التي أعلن مجلس السلم والأمن الأفريقي أمس عن بدء إجراءات إحالتها إلى مجلس الأمن الدولي لتأخذ طابعا دوليا.
وتتضمن العقوبات الافريقية ضد موريتانيا، حظر السفر، ومنع إصدار تأشيرات الدخول، وتجميد الأرصدة المصرفية، إضافة إلى إمكانية الملاحقة القضائية.
وقد تدوولت في نواكشوط أمس الاثنين قائمة تحوي أسماء خمسة وستين شخصا غالبيتهم من المدنيين، بينهم رجال أعمال ونواب وقادة أحزاب.
وتحدثت معلومات منقولة عن مفوضية الاتحاد الافريقي أن القائمة تضم 5 من عناصر المجلس الأعلى للدولة الحاكم، و7 وزراء و19 رجل أعمال و10 برلمانيين و5 قادة لأحزاب سياسية على الأقل، إضافة إلى ناشطين سياسيين ينظر إليهم على أنهم من مؤيدي انقلاب 6 آب/أغسطس الماضي.
وذكرت مصادر مطلعة أن الإجراءات الفنية لتطبيق قرار العقوبات سيتم تحديدها في اجتماع سيعقد في باريس في العشرين من شباط/فبراير الجاري بحضور مندوبين عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي والمنظمة الفرانكفونية والأمم المتحدة إضافة إلى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. وتتوقع مصادر الجبهة المناوئة للانقلاب أن يحذو الاتحاد الأوروبي حذو افريقيا في فرض العقوبات الانتقائية على انقلابيي موريتانيا والتنسيق مع الاتحاد الافريقي في تفعيلها واتخاذها الصبغة العالمية عبر الأمم المتحدة.
وسبق للولايات المتحدة الأمريكية أن أكدت في وقت سابق نيتها بمواكبة الاتحاد الافريقي في أي إجراء يتخذه الاتحاد لعودة الحياة الدستورية إلى موريتانيا ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الانقلابات في افريقيا.
71