'من أجل الورد يُسقى العليق'، ومن اجل مشاهدة الدكتور ايمن نور عقب الإفراج المفاجئ عنه، في أول ظهور تلفزيوني له، فقد شددت الرحال إلى منزلي مبكرا، لأشاهد برنامج 'منى الشاذلي' على قناة 'دريم'!.
الفضائية المذكورة كانت قد زفت بشرى لمشاهديها عبر شريط الأخبار، تفيد أن نور سيكون ضيف 'العاشرة مساء'، وقد أبلغ الحاضر الغائب، وتلقيت سيلا من الرسائل على هاتفي الجوال، بما بثته 'دريم'. ولا شك ان خروج ايمن نور من السجن، واستضافته في هذا البرنامج في أول يوم بعد خروجه، واستضافة البرامج المنافسة له بعد ذلك، سيذكر المشاهد ببرامج 'التوك شو'، المهتمة بالشأن المصري، وهي كانت من أعلى البرامج مشاهدة بالمناسبة، بيد أن هناك عزوفا عن مشاهدتها!.
أحداث غزة كانت سببا في انشغال المشاهد عن هذه النوعية من البرامج، إلى القنوات الإخبارية المتخصصة، وفي موقع الصدارة منها قناة 'الجزيرة'، فالمشاهد كان يريد الخبر، ويسعى لمتابعة الأحداث، ولهذا فقد كان قرار 'الجزيرة' بوقف برامجها الأخرى خلال الحرب صائبا، هذا ناهيك عن ان كثيرا من برامج 'التوك شو' (تبعنا) تحولت إلى جزء من المنظومة الإعلامية المصرية الرسمية، لدرجة أنني شاهدت مقطعا من برنامج 'القاهرة اليوم'، وفيه مقدمه عمرو أديب خطيبا منفعلا ضد السيد حسن نصر الله، بما يؤهله لان يكون عضوا فاعلا في لجنة السياسات، ليحصل على ما فشل شقيقه الأكبر والإعلامي المرموق عماد أديب في الحصول عليه، وهو منصب وزير الإعلام، لاسيما وان هذا المنصب بات شاغرا، وهناك حالة تنافس حادة بين رجال جمال مبارك في المنطقة، من اجل الفوز به!.
بعد وقف إطلاق النار، لم تعد تجد برامج 'التوك شو' إياها ما تجذب به المشاهد مرة أخرى، فالموضوعات التي تناقشها ميتة، وقد ذهب بعضها لاستضافة فنانين وفنانات، في حوارات وضع الأسئلة لها نائمون، فجاءت باهتة، تهدف إلى التلميع، أكثر مما تستهدف كسب المشاهدين، وبعضها ذهب يتابع مشكلات قد يعاني منها شارع او حارة، كتغطية انفجار ماسورة مجار في منطقة ما، او انتشار الباعة المتجولين في زقاق من الأزقة!.
وهذا عمل مجيد ولا شك، لكنه لا يهم عموم المشاهدين في القطر المصري، ولهذا فقد اعتبرت خروج 'أيمن نور' من السجن، أمرا مهما، ولا شك ان لديه الجديد الذي يقوله في كل برنامج، اذا وجد الجديد من الأسئلة، التي لا يتم وضعها على عجلة، ومن اجل شغل حيز الهواء ولو بكلام معاد!.
الإفراج المفاجئ
قرار الافراج عن صديقنا الدكتور ايمن نور كان مفاجئا، حتى بالنسبة له، فقد أخرجوه من السجن إلى منزله، بدون (احم أو دستور)، وبدون سابق إنذار، وإذا كان موعد الإفراج عنه هو يوم 23 تموز (يوليو) المقبل قانونا، بمضي ثلاثة أرباع المدة، فان الرأي كان قد استقر عندي بأن الإفراج عنه سيكون بعد ان يقضي مدة العقوبة كاملة غير منقوصة، وهي الخمس سنوات، حيث بدأت وزارة الداخلية في إعداد ملف له لحرمانه من الإفراج القانوني في تموز (يوليو) المقبل، من خلال اتهامه بإثارة الشغب في السجن، والاعتداء على احد الضباط.. يا له من فك مفترس!. لم تكد تمر ساعة او بعض ساعة على وصول أيمن نور إلى منزله بمنطقة الزمالك، حتى تحولت المنطقة إلى حشد قتال، حيث احتشدت كاميرات الفضائيات وكاميرات الصحف، وعندما شاهدت جانبا من ذلك، في فقرات برنامج 'العاشرة مساء' أشفقت على الرجل وعلى أهل بيته.
وقد كان طبيعيا ان يكون سبب الإفراج ضمن الأسئلة التي وجهتها له منى الشاذلي 'متهتهة' كعادتها.. لم تعالج هذه المشكلة على الرغم من أننا أشرنا إليها من قبل، وعلى الرغم من وجود أطباء في مصر متخصصين في علاج مشكلات النطق والكلام، فلا يحتاج الأمر إلى العلاج بالخارج!.
ربما اكتفت بأن لها قبولا على الشاشة، فليس مطلوبا من كل مقدمات البرامج التلفزيونية ان يكن في مستوى أختنا خديجة بن قنة، التي تجمع بين الحسنيين، القبول والتمكن من اللغة التي تخرج حروفها ملحنة كأنها عزف موسيقي مؤثر، فهي أفضل مذيعة تنطق بلغة الضاد، وأجمل مذيعة أيضا، ولا يمثل هذا خلافا بين هذا الرأي وما كتبته في الأسبوع الماضي عن 'إيمان عياد' سندريلا 'الجزيرة' حسب وصف احد القراء، وجمانة نمور، فإيمان وجمانة جمالهن على المستوى العربي، أما خديجة فعلى المستوى الاممي!.
أعتقد ان سر الإفراج سيكون مثار حديث الفضائيات والساحة السياسية هذه الأيام، فقد قالوا ان النائب العام أفرج عن نور ضمن ثمانية آخرين، إفراجا صحيا، ونور طلب الإفراج الصحي وناضل من اجله قضائيا، وخسر القضية. وقالت منى الشاذلي، وسيقول غيرها، فأنا اكتب هذه السطور صباح يوم الخميس: هل هناك ضغوط أمريكية وراء الإفراج عنك؟. وقد نفى مصدر مصري مسؤول ان يكون النظام قد تعرض للضغوط، فهو لا يقبل ضغوطا من احد.. يعجبني شموخ أهل الحكم في بلدي!.
الضغوط ليست عيبا، فعندما أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد في الحرب على غزة، قال الإعلام المصري الحكومي ان هذا من ثمار ضغوط الرئيس مبارك، واحدى الصحف المصرية نشرت (مانشيتا) باللون الأحمر الفاقع 'تمطع' على ثمانية أعمدة في صدر الصفحة الأولى نصه: مبارك يضغط .. وإسرائيل ترضخ. وقد شعرت يومها بالاعتزاز الوطني. ويلاحظ ان إسرائيل لم تبادر بالنفي، على النحو الذي بادر به المصدر المسؤول عقب الإفراج عن ايمن نور!.
اختفاء الابتسامة
في 'العاشرة مساء' اختفت ابتسامة ايمن نور، وهو يواجه بسؤال الضغوط، وكانت هذه المرة الثانية التي تختفي فيها ابتسامته التي ظلت تزين وجهه على مدار الساعة والنصف ساعة هي مدة البرنامج، تحملنا فيها 'تهتهة' منى الشاذلي بأريحية شديدة، ألم اقل لكم انه من الورد يُسقى العليق، وفي رواية أخرى يُكرم العليق؟. والعليق لمن لا يعلم هو نبات يخرج من الأرض من دون طلب من الزراع، ورغم اراداتهم!.
المرة الأولى التي غابت فيها ابتسامة نور كانت عندما عرض برنامج 'العاشرة مساء' فيلما قصيرا عن عملية إحراق مكتب المحاماة الخاص به، والمقر المؤقت لحزبه 'الغد'، وكان المخطط الأمني يستهدف الزج بزوجته 'جميلة إسماعيل' إلى السجن بتهمة انها أشعلت النار بالمقر، مع أنها كانت معرضة للموت المحقق بسب ذلك.. مجنونة جميلة!.
وإذا كان الفقه الجنائي قد استقر على انه لا توجد جريمة مكتملة، فقد فضحت الكاميرات التي وجدت بالمصادفة في موقع الحادث وبداخل حزب التجمع المواجه للغد الفاعلين، فقد رصدت ما جرى، وقد أذاع برنامج 'العاشرة مساء' سابقا جانبا مما تم تصويره، فبهت الذي خطط. ولان الحكومات لا تضحي برجالها بسهولة، فلا يزال الأمر أمام جهات التحقيق، وسوف ينتهي إلى الحفظ، كما هي العادة!. سيرة الضغوط الأمريكية تجعل ايمن نور في حرج، لان أهل الحكم عندما أغروا به صبيانهم اتهموه بأنه رجل أمريكا في مصر، كأنهم هم يقفون في مواجهة أمريكا على خط النار، مع أنهم يتفاخرون بأن علاقتهم بواشنطن متينة (أحيانا يهدفون لإغاظتنا بذلك وعلى طريقة يا عوازل فلفلوا) وجمال مبارك صرح 'بعضمة' لسانه ان علاقتنا بالولايات المتحدة الأمريكية جزء من الأمن القومي المصري. وهم يحجون في كل عام إلى البيت الأبيض مع ان نور لم يحج ولم يعتمر.
بعد انتهاء البرنامج فاجأتنا منى الشاذلي بسؤال لا محل له من الإعراب نصه وبركاكة تتمتع بها: 'إحنا ليه عملنا الحوار ده مع ايمن نور'.. هل لأننا أعضاء في حزب 'الغد' (قالت الوفد وصحح لها نور).. ولا .. لأننا أصدقاء؟.. ثم أجابت بأن الدافع للحوار هو الواجب الإعلامي والخدمة الإعلامية.. الله اكبر، ما كل هذه الفتوحات!.
من الفتوحات أيضا للمرموقة منى الشاذلي وصفها قرار الإفراج بـ 'الفوجائية'، وهو مصطلح وثيق الصلة بالملوخية بالأرانب، وقد ذكرته عشرات المرات ربما لتأكيد انها صاحبة حق الاختراع. لا بأس فمن اجل الورد يُسقى العليق.
أرض - جو
' .. ( ).
' ا ب اب ا ب ا ب!
' ا ب .
' اب اب اب . اب!.
' . اب. !.
' ا ب . اب . .
' صحافي من مصر
azouz1966@gmail.com