لا أعرف الجهة التي وعدت 'غسان بن جدو'، و'أحمد منصور' بالسماح لهما بدخول غزة عبر معبر رفح المصري؟ .. فمن المؤكد انها جهات عليا، مما جعلهما يمكثان هناك أكثر من ثلاثة ايام، في انتظار الفرج، والذي ظنا - بحكم قدر الجهات الواعدة - انه قريب، فاذا بهما يكتشفان انه كقرب 'الساعة'. اليوم، لا الفضائية 'الليبية'!.
'غسان' كان قد عقد العزم على بث الحلقة الاخيرة من برنامج 'حوار مفتوح' من غزة، وعندما وجد ان مهمته صعبة، بثه من القاهرة حيث استضاف نقيب الصحافيين المصريين مكرم محمد أحمد، وجلب من غزة ضيوفه بواسطة الاقمار الاصطناعية، وبعد الحلقة قرر ان يخوض غمار التجربة، وكله يقين انه داخل لا محالة، فهو 'موعود'، كما ان زميله 'منصور' موعود ايضا!.
قدر الجهة الواعدة ومقدارها العظيم، هو السبب في انهما ظلا امام المعبر عالقين، وتصورا أن منعهما هو قرار غير مسؤول من موظف بيروقراطي متعفن، وأكاد اتخيل احمد منصور وهو يسرد القصص الفكاهية عن بيروقراطية الموظفين في مصر، بحكم انه مصري، وأكاد اتخيل 'بن جدو' وهو يضحك مندهشا، لعل 'اندهاشته العريضة' تغري 'بن منصور' في ان يروي المزيد من الحكايات والنوادر، لاضاعة الوقت، إلى ان يتدخل من وعد، وربما ينفي للصعيد من رفض السماح لهما بالدخول. لمن لا يعلم فان الصعيد هو منفى الموظفين المغضوب عليهم!.
'الجزيرة' أذاعت في نشرة الاخبار، خبر وقوف 'غسان' و'أحمد' أمام المعبر، ثم وضعته ثلاثة ايام، وربما اكثر، في شريط الاخبار، بصيغة تحمل ان الزميلين العزيزين في وضع التحدي امام المعبر، فلا بد من ان يدخلا ولو على أسنة الرماح، وهو امر لا يتفق مع طبيعتهما، فـ 'بن جدو' انسان دمث، وهو اعلامي وليس مناضلا سياسيا، وبن منصور اخواني، والاخوان يربون النشء على قاعدة: 'اذا جاءك الغصب دعه يمر بجميله'.. من المجاملة او المعروف، وليس من الجمال. فيقال ان فلانا صنع فيَّ جميلا او معروفا، وان 'ايمان عياد' هي اجمل مذيعة في تاريخ قناة 'الجزيرة'.. المعنى واضح!.
بعيدا عن سمات الزميلين الشخصية، فانهما في وضع لا يسمح لهما بالتمرد او النضال، لانهما يعملان بقناة الاعداء في قطر، وأي تصرف متطرف من شأنه ان يكون سببا في شحنهما إلى 'سجن العريش العمومي' بتهمة زعزعة الاستقرار في البلاد، وانهما كانا يخططان لانتاج برامج تلفزيونية تهدف إلى الاساءة لسمعة مصر في الخارج!.
جماعتنا يتصورون العمى ولا يتصورون قطر، وذلك بسبب قناة 'الجزيرة' التي جعلت اعلامهم مسخرة من العيار الثقيل، وتخريب اهل الحكم في مصر لقمة قطر، على النحو الذي ذكره خالد الذكر احمد ابو الغيط في برنامج 'القاهرة اليوم' لصاحبه 'عمرو اديب' زوج السيدة 'لميس الحديدي' صاحبة برنامج 'اتكلم'، يأتي كاشفا لما في النفوس، وليس منشئا له. ومؤكد ان الزميلين العزيزين يقفان على ذلك ويعلمان ان موقفهما حساس، وربما اختلف الوضع لو انهما من فضائية 'مزيكا'، او انهما يعملان في بلاط الشيخ صالح كامل.. مدد!.
لكن انتظارهما أمام المعبر، لمدة ثلاثة ايام، وربما أكثر، يرجع الى ان معهما وعدا بالدخول، وربما انقطع اتصالهما بالواعد، فقد تركهما يحلان مشكلتهما بنفسيهما، فكان النشر لاخباره بأن الزميلين العزيزين لا يزالان هناك في انتظار تدخله، وربما تخجل الحكومة المصرية من هذه 'التجريسة' الفضائية، لاسيما وان الرئيس كان قد اعلن في قمة الكويت بما يفيد ان المعبر مفتوح على مصراعيه!.
لكن فاتهما، ان الحكومات في عالمنا العربي - في الجملة - لا تخجل، فالخجل خصلة نسائية انقرضت ولله الحمد!.
رحلتي الميمونة
باعتقادي ان مشكلة غسان بن جدو، وزميله احمد منصور انهما لم يسألا واحدا مثلي خبرة عن تجربته التاريخية مع معبر رفح، ولو سألا لما خاضا التجربة ولو كان من وعدهما هو السيد احمد نظيف رئيس الحكومة رأسا. فقد اشرت في هذه الزاوية من قبل عن رحلتي الميمونة الى المعبر، ضمن وفد من نقابة الصحافيين المصريين ذهب لتقديم مساعدات انسانية للاشقاء في غزة، وكان زعماء القافلة قد حصلوا على وعود ومن اعلى مستوى بالدخول إلى العمق الفلسطيني، وفي العريش تبخرت الوعود، وكادوا يمنعوننا من الذهاب الى المعبر لولا حرصهم على تفويت الفرصة على زميلنا محمد عبد القدوس الذي قرر التظاهر.
امام المعبر، وعدونا بدخول المساعدات، وتركونا نعود ادراجنا، فالقوم هناك لا علاقة لهم بمن وعد، وقبلنا بقاعدة اخف الضررين، وما لم أشر اليه انه بعد اكثر من عشرة ايام رفضوا دخول الشاحنات، وتم 'تشوينها' في المخازن.. فلا كرامة لواعد!.
ما جرى معنا عومل بتجاهل من قبل 'الجزيرة'، ولهذا فربما لم يعلم 'غسان' وصحبه به، وان كان وجودهما هناك ثلاثة ايام، وربما اكثر، جعلهما يقفان على المعاناة التي تواجه قوافل المساعدات والتضامن، كما وقفا على تعنت اصحاب المعبر. وقد تم بث العديد من الاخبار في هذا الصدد، ولا ادري كيف أضاعا وقتهما في انتظار دخولهما غزة، مع ان هناك عشرات القصص كان ينبغي ان تسجل، وفي ذاكرتي الان قصتان، ربما لا تصلحان لفضائية رصينة، وتصلحان بامتياز لفضائية 'موجة كوميدي'!.
القصة الاولى خاصة برحلة حزب الكرامة 'تحت التأسيس' الذي ذهب بمساعدات انسانية قيل ان عليهم ان يلحقوها بمخازن اهلية على ان يتم دخولها لاهالي غزة لاحقا، وفي الصباح تم القاء القبض على أصحاب المخازن، بتهمة نقل مواد غذائية بين المحافظات بغرض بيعها في السوق السوداء، وهو أمر قد تم اعتباره جرماً بقانون متوارث منذ زمن المماليك!.
القصة الثانية هي الخاصة بهذه السيدة التي ترابط امام المعبر، وتقوم بحملة دعاية امام وسائل الاعلام لدور الحزب الحاكم، تشبه الى حد كبير دعاية الدكتور جهاد عودة، الذي تستضيفه فضائية ما مدافعا عن الحزب الحاكم بصفته عضو لجنة السياسات، فما ان يظهر على الشاشة حتى تتبدد شعبية اللجنة، وما ان يتكلم حتى تخسر كل الاحزاب الحاكمة في العالم العربي شعبيتها!.
يا دبلة الخطوبة!
شاهدناها، ومؤكد ان غسان وصاحبه شاهداها، فهي تلبس 'عباءة سوداء'، وتجلس امام المعبر، وعندما شاهدت وفدنا هبت واقفة، لتروي نضالها من اجل الاهل في فلسطين، فقد باعت (دبلة) خطوبتها لتتبرع بثمنها لأهل غزة، فخطيبها ليس اغلى عندها منهم، نظرت اليها، واستقر الرأي عندي انني امام فيلم 'تلفان'، فخطوبتها ان كانت قد وقعت، فهذا ولا شك حدث ابان الحرب العالمية الثانية!.
لكن لان القصة مثيرة، فقد احتشد حولها الزملاء، والتقطوا لها أطنان الصور، وبعد عملية الاحتشاد انتقلت الى جدول الاعمال فهي عضوة في الحزب الحاكم وهتفت: ربنا يخلي لنا الريس، فقد حمانا من الحرب، ورحمنا من البهدلة، وفتح المعبر لانقاذ اخواننا في غزة ودخول المساعدات. قلت لها: المعبر مغلق يا آنسة.. قالت: لا مفتوح.. كنا على بعد خطوات من المعبر. لا بأس فالمعبر مفتوح لكني نسيت النظارة. قلت لها المسؤول عن المعبر قال انه غير مسموح بدخول المساعدات الغذائية من هذا المعبر، فانتقلت من الحماس الى الهدوء الخجل وردت: هذه اوامر الجانب الاسرائيلي. وهل لاسرائيل اوامر على هذا المعبر وهو مصري، وعلى ارض مصرية محررة؟. فبُهتت وتركت موقعها.. يبدو انها مبرمجة على ان تتكلم في اتجاه تفسده الاسئلة. وعقب ذلك سحبها ضابط ضمن 'عدة الشغل' وانصرف!.
قصتان تصلحان للتسجيل التلفزيوني وانا على يقين انه سيقع تنافس للفوز بهما بين 'موجة كوميدي' والفضائية الجديدة 'نايل كوميدي'، وبثمنهما كان غسان ومنصور سيغطيان نفقات رحلتهما الفاشلة الى غزة.
ما علينا، فأنا اكتب هذه السطور بعد ان تغير نص خبر شريط الاخبار، فالمنشور يفيد فشل المحاولة، ولم يعد الزميلان هناك في انتظار تحقق الوعد، فمن وعدهما نفوذه لا يمتد الى المعبر. عود حميد!.
أرض - جو
خسرت 'موجة كوميدي' باستعانتها بوصلات ضحك مسجلة، لتستخدمها 'عمال على بطال'، والتي تغطي احيانا على المادة المقدمة.
الحكومة المصرية أعلنت انتهاء عصر التلفزيونات القديمة، وقررت اجبار المواطنين على تغييرها خلال 6 سنوات حيث سيتم تحويل البث التلفزيوني الارضي إلى الرقمي. وبكل تأكيد فان هذا لن يمثل زيادة في الاعباء على المواطن لان الناس لن تشتري تلفزيونات جديدة من اجل ان تشاهد تلفزيون الريادة الاعلامية، وما يسببه من بله للمشاهدين.
مهمة جدا الحلقات التي سجلها محمد كريشان مع مصور 'الجزيرة' الزميل سامي الحاج، والتي يروي فيها مأساته مع الاستبداد الامريكي. فسامي ذكر العديد من الوقائع التي تؤكد ان القوم عباقرة في فن التعذيب، وان كانوا قد روجوا بأنهم كان يدفعون بالمعتقلين لاجهزة الامن في عالمنا الثالث لانهم لا يجيدون هذا الفن. سامي أكد انهم اساتذة بالوراثة.
بدأ الطامعون في منصب وزير الاعلام المصري يقودون حملة ضد الوزير انس الفقي بحجة ان اعلامه فشل في اقناع الناس بموقف النظام في الحرب على غزة. مع ان الانس والجن لو قادوا عملية الاقناع لفشلوا ايضا، فهو موقف لا يقنع حتى اصحابه.
يا الله، تذكرت مؤخرا ان هناك قناة اخبارية اسمها 'الحرة'، التي تراجعت كثيرا منذ الاعتداء الاسرائيلي على غزة.
امتد ارسال تلفزيون الـ 'بي بي سي' العربي ليصبح على مدار الساعة، دون ان يتم تقديم برامج من شأنها ان تمثل علامة.
' صحافي من مصر
azouz1966@gmail.com80