عمان ـ القدس العربي ـ وبخ العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بصورة غير مباشرة وفد العلماء المسلمين الذي التقاه مؤخرا.
واتهم الملك عبدالله ضمنيا اعضاء هذا الوفد بانهم يفتقرون للرؤية الواضحة ويبالغون بدون مبرر في مجاملة حركة حماس وقادتها الذين اعتبرهم بصراحة امام العلماء "غير جديرين بالثقة وغير مؤهلين لحمل الامانة والتصرف بمسؤولية" كما قال.
وفوجىء اعضاء وفد العلماء بتقييمات نقدية وعبارات حادة جدا قالها العاهل السعودي وهو يستقبلهم على هامش جولتهم الحالية بين دول المنطقة، وقالت مصادر داخل وفد العلماء لـ"القدس العربي" ان اعضاء الوفد وخلال استقبالهم لاكثر من ساعة ونصف في قصر العاهل السعودي تبادلوا النظرات اكثر من مرة فيما بينهم وشعروا بالحيرة والارتباك وهم يستمعون لوجهات نظر حادة من القيادة السعودية.
وابلغ هؤلاء نظراء لهم في الاردن بانهم شعروا بالارتباك لان العاهل السعودي ركز في الاجتماع بهم على المضمون السياسي لموقف بلاده وخاطبهم بلغة سياسية حادة موجها اللوم لكل من "يتجاوز على الحقائق والوقائع بما في ذلك مؤسسات ودول عربية واسلامية" لم يحددها.
وشرح العلماء المسلمين لاصدقائهم في الاردن بعدما زاروا السعودية الثلاثاء بعض انطباعاتهم عن جولتهم الاخيرة، وفي جلسات جانبية عبر رئيس الوفد الشيخ يوسف القرضاوي عن امتعاضه الشديد ليس فقط لان اللقاء مع العاهل السعودي كان فاشلا تماما كما قال، ولكن لان اللغة التي استخدمها السعوديون كانت سياسية تماما وفي بعض الاحيان اتهامية.
ونقلت شخصية دينية اردنية عن القرضاوي قوله بان الزيارة لم تكن سياسية ولم يكن الهدف من الجولة برمتها اجراء مناقشات سياسية او تقييم حركة حماس. وقال القرضاوي انه شعر باستغراب شديد لان مسار النقاش مع العاهل السعودي انحرف نحو الاتجاه السياسي رغم ان هدف اللقاء والوفد لم يكن سياسيا بل انسانيا وشرعيا ولا علاقة له من قريب او بعيد بالمواقف السياسية لاي دولة عربية.
وحسب القرضاوي ومشاركين من اليمن والسودان والاردن في وفد العلماء كان اللقاء مع ملك السعودية صعبا للغاية وحادا وباردا في نفس الوقت ولم ينته باي نتائج ملموسة، خلافا لاظهار الاستعداد لمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة ماليا وطبيا وهو امر اعتبره القرضاوي وغيره من العلماء اخر اهتماماتهم في اجندة الزيارة.
وعلم في السياق ان العاهل السعودي لم يكتف خلال اللقاء بتوبيخ قادة حماس وتوجيه اللوم لهم واعتبارهم جزء من المسؤولية عما يحصل، بل انتقد ايضا من لا يقول الحقيقة على حد تعبيره سواء كان حكومة او فردا.
ووجه اللوم ضمنيا لاتحاد علماء المسلمين لانه يساهم في تثوير الشارع دون مراعاة لنتائج ذلك وللخلل الذي يحدثه.
وفي مضامين كلامه رفض العاهل السعودي امام العلماء المزاودة على موقف بلاده واشار لمحاولات استعراض من قبل البعض في المنطقة، منتقدا محاولات توجيه الشارع العربي نحو الاساءة لمصر ودورها، كما اشار لبعض الحكومات العربية التي تزاود على بلاده ولبعض التاثيرات الاعلامية التي تلجأ للتثوير والاستعراض بدون فائدة، وفهم الحضور من العلماء بان القيادة السعودية هنا تغمز من قناة سورية وقطر.
واربكت هذه الاجواء الحادة على لسان العاهل السعودي نخبة العلماء الذين يقومون بالجولة وابلغت في عمان شخصيات اردنية بان الوقوف في المحطة السعودية بالنسبة للعلماء كان فاشلا وسيئا للغاية من حيث النتيجة، فقد رفض العاهل السعودي تماما تقديم اي مساندة من اي نوع لحركة حماس في قطاع غزة ملمحا لان بلاده لن تدعم خيارات يستفيد منها قادة حماس الذين انتقدهم العاهل السعودي صراحة وهو يتهمهم بممارسة الخداع والتراجع عن التزامات كانوا قد تعهدوا بها في اتفاقيات سابقة مع بلاده وغيرها.
وتنبه العلماء مبكرا لسعي الملك عبد الله بن عبد العزيز لانتقاد حركة حماس وقادتها فلجأوا للتعبير عن ضرورة بلورة موقف تضامني مع الشعب الفلسطيني مطالبين السعودية باستخدام ثقلها لوقف العدوان، لكن الملك السعودي هنا ايضا عاد وتحدث عن عدم وجود استعداد في بلاده لتقديم المساعدة لمن لا يقدرون الالتزامات في حركة حماس، مشيرا لان السعودية مستعدة لتقديم كل ما يلزم للشعب الفلسطيني مشترطا بان لا تستفيد حماس من ذلك.
وبهذا المعنى خرج اعضاء وفد اتحاد العلماء بانطباعات سلبية جدا ومحبطة عن وقفتهم في السعودية فيما ابلغوا مسبقا بان زيارتهم لها علاقة بجهد العلماء لتثقيف المسلمين بمخاطر الفرقة وضرورة حماية الشعب الفلسطيني وهي زيارة لا علاقة لها باي نقاشات ذات مضمون سياسي.
وبنفس الوقت تحدث الضيوف العرب من العلماء لاوساط اردنية عن عدم الخروج باي جديد بعد زيارة سورية حيث استمعوا من مسؤولين سوريين والقيادة السورية لنفس الخطاب المالوف في الاعلام السوري، كما ان اعضاء الوفد فوجئوا في الوقت نفسه بترتيب لقاءات لهم مع مسؤولي التنظيمات الفلسطينية في الساحة السورية وهي لقاءات لم يطلبها اصلا وفد العلماء الذي حرص على التواصل فقط مع قادة حماس وبدون اجندة سياسية لان مهمتهم بالاصل تنويرية وتعبوية وتثقيفية كما قال القرضاوي وهو يشيد باللقاء الذي حصل الثلاثاء في عمان مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الذي استمع لساعتين لما يقوله العلماء دون مناقشات سياسية معهم واعرب عن استعداده لدعم اي جهود لهم.