دمشق ـ أعلن الرئيس السوري بشار الأسد الثلاثاء بعد لقائه نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي إنه مصمّم على عقد قمة عربية حول الوضع في غزة "بمن حضر"، فيما دعا الرئيس الفرنسي سورية الى ممارسة الضغط على حماس لوقف العنف، معتبراً أن ليس هناك حلاً عسكرياً في غزة.
وقال الأسد في مؤتمر صحافي مشترك مع ساركوزي الذي وصل الى دمشق في وقت سابق اليوم، إن بلاده ما زالت عند موقفها بالنسبة لضرورة عقد قمة عربية "وحصلت عدة اتصالات في الأيام الماضية وتحديداً بيني وبين أمير دولة قطر (حمد بن خليفة آل ثاني) للحديث حول هذه النقطة".
وأضاف "إن لم يكن هذا هو الوقت المناسب لانعقاد قمة عربية طارئة فأي ظرف يدعونا لعقد قمة عربية؟"
وتساءل "هل من الممكن أن نذهب بعد أسبوعين إلى قمة اقتصادية ونكون قادرين على حضورها وغير قادرين على حضور قمة لسبب سياسي، من أجل معالجة موضوع إنساني سياسي عسكري، ما نقوم به حتى الآن غير مقبول"، في إشارة الى القمة الاقتصادية العربية التي تعقد في الكويت في 19 و20 يناير/كانون الثاني الجاري.
وأضاف الأسد "ما زلنا مصمّمين على ضرورة عقد هذه القمة، كنا نحاول في الفترة الماضية، سورية من موقعها كرئيس للقمة، وقطر من خلال موقعها كمضيف أن نحقق نصابا كي نصل لقمة عربية ناجحة، ولكن الظرف قد يستدعي انعقاد قمة ولو كانت بشكل مصغر ولو كانت قمة بمن حضر، ربما، هذا بحاجة للتشاور مع بعض الدول قبل أن نحدّد الموقف من هذا الموضوع".
وتابع "لدينا ساعات تفصل بين المجزرة والمجزرة، لا يوجد لدينا أيام لكي نضيعها، لا يوجد أسابيع، مع ذلك أقول القمة المقبلة إذا لم تكن قد حلت أوضاع غزة فسيكون شيئا محرجا".
وقال إنه سيجري اتصالاً في وقت لاحق اليوم بأمير قطر "من أجل بحث هذا الموضوع ولكي نرى ما يمكن أن نصل إليه".
وجدّد موقف بلاده الداعي الى وقف "العدوان البربري الإسرائيلي فوراً على الشعب الفلسطيني ووقف إطلاق النار والانسحاب الفوري من أراضي غزة، يتبعه رفع الحصار".
وقال "نحن الآن نسعى لحل سريع لهذه المأساة الإنسانية وكان محور حديثي مع الرئيس ساركوزي حول هذا الموضوع واتفقنا على أهمية وقف إطلاق النار والانسحاب ورفع الحصار، وسنتابع الحوار لاحقا بشأن التفاصيل الأخرى".
وشدّد على أن "العدوان" لن يتمكن من كسر إرادة الشعب الفلسطيني من أجل الوصول إلى دولته المستقلة وانسحاب اسرائيل من أراضيه، "ونحن مستعدّون في سورية لبذل كل الجهود مع أي جهد مبذول في المنطقة إقليميا أو دولياً".
وأضاف الأسد أن "الحصار عبارة عن إعلان حرب ولكن ليس عسكريا، هو موت بطيء، عندما لا يكون رفع للحصار من الصعب أن لا يكون هناك وقف حقيقي وصامد لإطلاق النار".
وتابع "عندما نخيّر الإنسان بين الموت البطيء والسريع، فسيختار الموت السريع لأنه أسهل وهذه بنود أساسية وهناك تفاصيل أساسية تتبع هذه البنود ولكن هذه البنود تشكل مبادئ لأي حل دائم ومستمر في غزة".
ولفت الرئيس السوري إلى أن "الدبلوماسية الضبابية أصبحت الحالة السائدة خاصة مع بداية التسعينيات ولذلك وصلنا إلى ما وصلنا إليه، لأنه لم يكن هناك حلول بل كان هناك مقترحات تحكم العمل السياسي وليس عملا واقعيا يتطابق مع الوقائع الموجودة على الأرض".
وأضاف "لا بدّ أن نسمّي الأمور بمسمياتها، ما يحصل بالنسبة لنا هو جريمة حرب".
وأشار الى أن منظمة العفو الدولية قالت إن "إسرائيل تتجاوز اتفاقيات جنيف وان الاسرائيليين لم يتعلموا من دروس لبنان"، في إشارة الى الحروب التي شنّتها اسرائيل على لبنان وكان آخرها في يوليو/تموز 2006.
وقال "لم يتعلم الإسرائيليون من دروس لبنان، في حرب لبنان أرادوا أن يستأصلوا المقاومة فكان الرد تزايد هذا الفكر في المجتمع".
وأضاف أن "المقاومة ليست منظمة نفككها وليست شخصاً نغتاله ولا مستودع أسلحه ندمّره، هي فكر وهو ينتشر ووقعوا مرة أخرى بالخطأ الفادح نفسه، وهذا الفكر ينتشر أكثر وفي المستقبل من يدفع الثمن بالإضافة إلى منطقتنا الإسرائيليون أنفسهم".
من ناحيته قال ساركوزي إنه يمكن لسورية أن تمارس دوراً في وقف العنف، "ويجب أن تمارس سورية الضغط على كل طرف بما في ذلك حماس، والرئيس الأسد يمكنه أن يلعب دوراً أساسياً".
وأضاف "سورية بإمكانها تقديم حلّ في غزة، فهي بيّنت أنها تعمل من أجل السلام وليس لدي أي شك بأن الأسد سيبذل كل جهوده للتوصل إلى حل".
وتابع " الحوار مع سورية ينبع من أهميتها ودورها في المنطقة، والأسد يستطيع أن يلعب دوراً رئيسياً من خلال إقناع حماس بوقف إطلاق الصواريخ والعمل على التوصل إلى المصالحة الوطنية والفلسطينية".
وأضاف ساركوزي "علينا التحدث بالحقائق فلا حلّ عسكريا في غزة، ونحن أدنا الهجوم البري لإسرائيل لذلك يجب ممارسة الضغوط على كل الأطراف لوقف النار".
ودعا إلى تعاون كافة الأطراف وقال "نريد حلاً فورياً من قبل كل الأطراف من سورية ومصر وأوروبا وتركيا وبهذا سندخل دائرة السلام ونخرج من دوامة العنف".
وقال الرئيس الفرنسي إن "العنف يجب أن يتوقف، ويجب أن نبذل كل ما هو ممكن لكي تصل المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة وآمل أن تتمكن منظمات غير حكومية أن تصل إلى غزة وأن تفتح الممرات وأن توزع الأدوية"، مشدداً على حلّ الدولتين "فلسطينية ديمقراطية قابلة للاستدامة، وإسرائيل لها الحق في الأمان".
وأضاف "الأمر لا يتعلق بإقصاء أحد بل بحلّ يكمن بدولتين فلسطينية ديمقراطية قابلة للاستدامة واسرائيل لها الحق في الأمان".
وتابع ساركوزي "يمكن لمصر وللرئيس مبارك أن يقوم بالمبادرة، فأنا مقتنع أننا سنخرج من دوامة العنف لندخل في دوامة السلام وأنا لست آسفاً وأكرّر ذلك، إذ أني وجدت سبل الحوار مع سورية وأعرف دورها وتأثيرها على عدد من الاطراف الفاعلة".
ودعا الرئيس الفرنسي الى أن تتوقف "لغة السلاح والعودة الى الحوار"، مضيفاً أن "فرنسا تترأس مجلس الأمن وأنا أعتقد أن النظام الدولي لابدّ منه ودوره أساسي، ولكن السلام يأتي أولا من الأطراف في الميدان والدول المجاورة، ومن أوروبا التي يجب عليها أن تقوم بسياسة طموحة".
وأضاف" قناعتي هي أن العودة إلى الوضع الذي كان قائماً أمراً غير مقبول لجميع الأطراف، لأن إسرائيل تريد أن نضمن أمنها ولأن الفلسطينيين يريدون إعادة فتح المعابر".
وعن رؤيته لحلّ الأزمة في قطاع غزة، قال إن "من المبكر أن نصل إلى استنتاجات، هناك اتصالات يجب أن أجريها، الوقت لم يحن، وعلى قادة الدول أن يجدوا السبل والوسائل لإحلال السلام".
وكان ساركوزي وصل إلى دمشق برفقة منسق السياسة الخارجية والامنية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، والمبعوث الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط مارك أوتي.