بغداد - 'القدس العربي': سلطت العديد من الصحف العراقية الضوء على العدوان الصهيوني البربري على غزة واصفتا ما تتعرض له غزة اليوم من دمار هو نسخة مطابقة لما تتعرض له بغداد وكشفت وعرت صحف بغدادية ' كل التوجهات التي كانت تسوق للمفاوضات مع المحتل الصهيوني عبر مجرمين باعوا أمتهم، وأوطانهم'، من جانب اخر دعت صحيفتان بغداديتان المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي إلى عدم استخدام ما وصفته بأساليب المراوغة لـ'خداع واستغفال' العراقيين للحصول على المناصب.
كما أبرزت الصحف، ما وصفته الاخفاقات التي صاحبت المسيرة السياسية خلال العام 2008 وامنياتها للعام القادم 2009 المتمثلة بالوفاق بين الكتل السياسية من جهة وكافة أطياف الشعب العراقي.
فيما طالبت صحيفة اخرى بالاسراع في اقرار وثيقة الاصلاح الوطني بما يعزز مسار العملية السياسية في البلد والى ضرورة بناء علاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي اساسها العمق التاريخي.
غزة...صمود أمة
لم تُستهدف غزة بالقصف الجنوني الأخير فقط، وإنما اُستهدفت المنطقة، والأمة بتواطؤ بعض الأنظمة الرسمية، والقصد منها مبيت بين قوى الاحتلال، وهذه الأنظمة، بمحاصرة المنهج المقاوم المعبر عن هوية الأمة، وعزتها، وكرامتها وعنوان حياتها.
ما أشبه غزة ببغداد قصفا واستهدافا، وما أشبه حملات التضليل التي مارسها الاحتلالان الصهيوني والأمريكي، فكلاهما لا يملك شرف القتال، ولا أخلاق الفرسان، فقتل الأبرياء من المواطنين الآمنين في بيوتهم لسحب البساط من تحت المقاومة، وفرض منطق التخلي عن خيار المقاومة والقبول بمنطق الاستسلام الذليل تجنبا للخسائر.
أحداث غزة كشفت وعرت كل التوجهات التي كانت تسوق للمفاوضات مع المحتل عبر مجرمين باعوا أمتهم، وأوطانهم، من اجل البقاء على واجهة الأحداث، بحماية الاحتلال نفسه حتى أن الطروحات التي رافقت العدوان على غزة لم تفارق اتهام الخيار المقاوم المعبر عن هوية الأمة بأنه المسؤول عن هذه الأحداث فهم يساوون في اخف تصريحاتهم بين الضحية والجلاد بل إنهم يستميتون من اجل تبرير أعمال الاحتلال والاعتذار بدلا عنه لمن تسحقه آلة الاحتلال في سيرها نحو هدف مرسوم هو قتل روح المقاومة يساندها في ذلك جموع المنخرطين في معسكر الاحتلال المنضوين تحت خيمته وان تعددت أسماؤهم أو تنوعت اتجاهاتهم، فمثلما في العراق هناك اتجاهان لا ثالث لهما هما المجموعة المناهضة للاحتلال الممانعة لمشروعه ومجموعة عرابي الاحتلال ومطبقي مشروعاته مقابل البقاء في السلطة.
إن تغييب الشعوب العربية والإسلامية والوقوف أمامها سدا منيعا كي لا تعبر عن تماسكها أمر عملت عليه قوى الاحتلال منذ زمن بعيد، فعملية التخدير التي مارستها قوى الظلام على جسد هذه الأمة لم تؤت أكلها لولا الأنظمة المتسلطة على رقاب أبناء هذه الأمة لتبدو أن فعل التخدير قد اخذ فعله، فالصمت الذي لف الأمة بأسرها معروفة أسبابه ولكن بالمقابل إن العدوان على غزة اثبت أن هذا الصمت مدفوع الثمن لاسيما وأن رسل المجرمين زاروا عاصمة عربية كانت في ما مضى تعد قاعدة للعرب وأن من يقوم بحصار غزة هم العرب فهل جموع المتظاهرين الذين حاصروا عاصمة عربية كانوا موجهين الى العنوان الخطأ كما صرح بذلك وزير خارجية تلك الدولة.
إن المطلوب اليوم من المسلمين عامة والعرب بوجه الخصوص الوقوف بثبات أمام هذه الهجمة الهمجية التي جاءت على كل متحرك وثابت في ارض الصمود والإباء غزة، والتحرك على مصادر القرار، لا أن تكون طروحاتهم استهلاكية للإعلام فقط فما معنى إرجاء اجتماع جامعة الدول العربية إلى أيام ألا يفهم من ذلك الموافقة الضمنية على استمرار القصف لأيام أخرى ووقوع اكبر عدد من الضحايا وبالتالي فسح المجال بشكل أوسع لتهديم ما بقي من بنى تحتية؟
بقي أن نقول إن درس غزة كدرس بغداد لكن أين من يفهم الدرس ويأخذ على عاتقه طرح المشروع المعبر عن هوية الأمة، والتخلي عن مشروع الاستماتة من اجل رضا الصهاينة والأمريكان .فمشروعية الأنظمة المنصبة على رقاب الشعوب اهتزت تماما وفقدت السيطرة على شارعها لأن الأمة مهما ضعفت فلن تتخلى عن ثوابتها.
إن قضية فلسطين هي قضية العراق وهي كذلك قضية كل العرب والمسلمين وان محاولات اقتلاع المقاومة ما هي إلا خطوات يائسة ستنقلب نتائجها على مخططيها ومن يساندهم. فالشعوب الإسلامية والعربية اليوم اقرب إلى خيار المنطق المقاوم منها إلى خيار المنطق الاستسلامي.
إن المواقف المخزية لبعض الإدانات والاستنكارات التي تغمز بطرف خفي قبولها بعقاب حماس عبر تضمينها عبارات تجنب العقاب الجماعي ما هي إلا محاولات مكشوفة وبائسة ممن لا يعرف تماما ثوابت هذه الأمة.
المواقف العربية البائسة