جعلت ' الجزيرة' فضيحتهم بجلاجل، ومن لا يشتري يتفرج، ولهذا صارت هدفا ثانيا من أهداف القادة العرب المتورطين في أحداث غزة، ومعهم أزلامهم، حتى لا يكاد المرء يشاهد تلفزيونا حكوميا في عالمنا العرب، لم يهاجم ' الجزيرة' وأصحابها، وكأن الهجوم عليها من حسن وطنية المرء!.
حركة حماس هي الهدف الأول قبل 'الجزيرة'، فهي التي استفزت إسرائيل بصواريخها، وكان نتيجة ذلك هو ما جرى من اعتداء غاشم وسافر ومجرم، وبشكل يوحي للمشاهد أن إعلامنا الرسمي ينطلق من تل أبيب، بمثل هذه التبريرات، فلا تريد إسرائيل إلا أن تبدو أمام العالم أنها ضحية لإرهاب حماس، وأنها المجني عليها، وان ما تفعله هو رد فعل ليس إلا!.
ربما لا تحتمل هذه الزاوية المتخصصة في النقد التلفزيوني الاستطراد في الرد، فإسرائيل هي من اخترقت الهدنة، وهي من حاصرت أهالي غزة حتى يأكلوا أوراق الشجر، فالفعل الإسرائيلي واضح للعيان!.
' الجزيرة' فضحت الإجرام الإسرائيلي، وقبل هذا فهي 'عرت' الحكام العرب المتواطئين، والمتورطين، الذين ربما كانوا يريدون الاعتداء على غزة، على طريقة 'علقة تفوت'، فلا يشعر بها احد، وعندما نعلم بأمرها يكون خالد الذكر محمود عباس أبو مازن في غزة، على متن دبابة إسرائيلية، وبجانبه خالد الذكر أيضا محمد دحلان!.
عندها ستقطع الفضائية المصرية إرسالها، لتنقل بثا مباشرا من غزة، لهذه اللحظة الدقيقة في تاريخ امتنا الواحدة ذات الرسالة الخالدة، فها هو سيداتي آنساتي سادتي قائد الشعب الفلسطيني يحييى الجماهير التي احتشدت لاستقباله وهي تهتف بالروح والدم، بعد أن تم القضاء قضاء مبرما على عصابة حماس التي كانت تختطف الغزاويين. وسوف تشاركها في عملية القطع والبث 'الإخبارية' السعودية، ومعهما تلفزيون دولة الكويت الخالد أيضا، وقبلهم فضائية ' العربية' الباسلة !.
ومن تابع الفضائيات في اليوم الأول لحادث غزة سيقف على المخطط بسهولة، إذ تم تجاهل الحدث على أهميته من الناحية الإعلامية، وانشغلت الفضائيات التابعة للبلاد العربية الفاعلة بأخبار عادية، ولم توقف روتانا سينما وملحقاتها، وأمثالها من فضائيات ' الهشك بشك' التي يسهر المال السعودي على راحتها، إرسالها عن 'هشكها وبشكها'، مع أن الجريمة بشعة، والمصاب أليم، والضحايا بالجملة!.
بدت العورات للمشاهد بهذا التجاهل، أرجو ألا يرد علينا احد بأن هذه الفضائيات وان كانت مملوكة لأناس من الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، فان حكام المملكة لا علاقة لهم بها، فكل إنسان معلق من ' عرقوبه'، وان ليس للمرء إلا ما سعى، فلنا ان نعلم ان احدى هذه الفضائيات كانت قد أجرت حوارا مع معارض عربي، وقامت بالإعلان عنه قبل بثه، وعندما رفع زعيم عربي سماعة الهاتف وخاطب نظيره في المملكة، لم تذع المقابلة على الرغم من التنويه عنها!.
هذا الصمت بدا للمتابع مريبا، لكن ' الجزيرة' أظهرت العورات، واسقطت ورقة التوت!.
فقد اهتمت بأمر المذبحة، وكشفت حجم الإجرام الإسرائيلي، المتفوق على إجرام النازي، وجثث الأطفال الذين طالتهم المدفعية الإسرائيلية تؤرق الضمير الإنساني، الذي بدا انه في إجازة!.
كنت أشارك في برنامج تلفزيوني وفوجئت بمتدخل من دولة الكويت يهاجم ' الجزيرة' ويهاجم ' قطر' التي تستضيف قاعدة أمريكية على أراضيها. كما لو كانت بلاده مثلا تقف على خط النار!.
القواعد العسكرية