توجد في عالمنا العربي ضجة كبيرة بين الحق والباطل، وانقسم ولاة الأمر فينا. فريق سلك طريق الحق وآخر اتبع طريق الباطل. ونميز الحق من الباطل في هذه الحالة في الشأن الفلسطيني. والحق عندي في هذا السياق هو نصرة إخواننا وأهلنا في غزة التي تتعرض لأبشع أنواع الإرهاب المسلح والعدوان العسكري الصهيوني.
فريق من ولاة أمرنا بوعي أو بدون وعي اصطف إلى جانب العدو الصهيوني في حربه ضد أهلنا في فلسطين، قد لا يكون هذا الاصطفاف بحمل السلاح وإعلان الحرب على أهل غزة، وإنما اتخذ ذلك الاصطفاف أصنافا أخرى لا تقل خطرا وألما لأهل غزة من استخدام السلاح، فالإصرار على إبقاء المعابر المؤدية إلى قطاع غزة كمعبر رفح مثلا مغلقا في وجه الإمدادات والتموين وحركة سكان القطاع خروجا من والى غزة يعتبر إعلان حرب على قطاع غزة، وحرب التجويع من اخطر الحروب لأنه يشكل موتا بطيئا للإنسان.
من أكثر الأمور ألما علينا نحن الشعب أن نرى إسرائيل تتزود بكل أسلحة الدمار الشامل في الوقت الذي تتآمر بعض الدول العربية وأولها مصر مع المجموعة الأوروبية والأمريكية وإسرائيل بمنع تزود أهلنا في قطاع غزة وفلسطين عامة بسلاح للدفاع عن النفس وردع المعتدي على أعراضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم. يقول نص الاتفاق الذي وقع بين كوندوليزا رايس قبل افول ادارة بوش بيومين ووزيرة خارجية إسرائيل ليفني:
'ستعمل أمريكا مع شركائها الإقليميين وحلف الأطلسي على مواجهة خطر تهريب السلاح ونقله وشحنه لحماس والمنظمات الفلسطينية الاخرى في غزة بما في ذلك البحر المتوسط وخليج عدن والبحر الأحمر وشرق إفريقيا' هناك أمر آخر يثير الاشمئزاز وهو تطاول رهط سلطة رام الله العباسية ' إن حركة حماس هي حركة إرهابية ظلامية انقلابية ( ,,, )' في نفس الوقت يعلن كتاب إسرائيليون عكس ذلك. لقد كتب الصحافي الإسرائيلي عكيفار الدار مقالا في صحيفة هارتس في 3 شباط (فبراير) ' أن حماس ليست تنظيما إرهابيا، وإنما حركة جماهيرية فازت في الانتخابات التي جرت بموافقة الأسرة الدولية وحكومة إسرائيل' ويقول: 'إذا جاز أن نقبل في حكومة الائتلاف الإسرائيلية حزب 'إسرائيل بيتنا' المتطرف فبإمكان حماس أن تفعل نفس الشيء. لم يمل رهط السلطة العباسية في رام الله من ترديد كلمة 'انقلاب'وراح كتاب 'المارينز' على امتداد الوطن العربي يرددون ذات الكلمة، ومن حقنا أن نسأل، ألا يعني الانقلاب على أي نظام حكم إلغاء أو تعليق الدستور المعمول به، وحل الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة، والقبض على أركان الحكومة المنقلب عليها وتقديمهم للمحاكمة. كل هذا لم يحدث في حالة غزة. والحق أن الانقلاب الحقيقي قد تم في رام الله على السلطة الشرعية المنتخبة وذلك بتشكيل حكومة لم تنل الثقة من المجلس التشريعي، كما أن الرئيس محمود عباس بقي في مركزه كرئيس إلى أن انتهت ولايته دستوريا في التاسع من كانون الثاني /يناير هذا العام.
نسأل السلطة الحاكمة في القاهرة، لو تمرد ضباط وجنود الأمن المصري على تنفيذ أوامر رئيس الوزراء أو وزير الداخلية، وتم اكتشاف ارتباط هذه القوى المتمردة بقوى أمنيه خارجية، ماذا سيكون قرار الحكومة المصرية من ذلك التمرد؟ حتما وبلا مقدمات سيتم القبض عليهم ومطاردة الفارين منهم، وذلك ما حدث في غزة. فهل يسمي ذلك انقلابا أم تطهيرا لأجهزة الأمن؟
يا عرب، القيادة المصرية تلعب بمصير الشعب الفلسطيني، إنها وسيط غير نزيه، تقول أوثق التقارير ان المطالب المصرية من حماس لوقف إطلاق النار وتطبيق التهدئة ورفع الحصار أكثر بكثير من المطالب الإسرائيلية، وان معظم تلك المطالب لم تكن من الفريق الإسرائيلي المفاوض، لقد فوجئ الوسيط التركي بما عرضه عليهم فريق حماس المفاوض للمطالب الإسرائيلية عبر الوسيط المصري، علما بان الأتراك قدموا مطالب إسرائيل إلى حماس بعد زيارة لهم إلى تل ابيب، وفوجئ الجميع بالفرق الكبير. إثباتا لذلك، يقول الكاتب الإسرائيلي فيشمان في صحيفة يديعوت احرنوت ' إن المخابرات المصرية بوصفها الوسيط يقدمون لممثلي حماس شروطا متصلبة تدعوهم إلى الاستسلام دون قيد أو شرط، وهذه الشروط هي التي أصبحت تعطل التوصل إلى اتفاق مع حماس، ويذكر أن المفاوض المصري يهدف من هذه الضغوط على حماس باسم إسرائيل إجبار حماس على القبول بعودة أبو مازن المنتهية ولايته إلى غزة والتمديد له كرئيس للسلطة، وهذا يهدف إلى إلغاء دور حماس في غزة، وهذا لم يعد مطلبا إسرائيليا، وينهي الكاتب الإسرائيلي مقالته بالقول: 'المسألة الآن ليست فيما إذا كانت حماس مستعدة للوفاء بمطالب إسرائيل وإنما إذا كانت مستعدة لقبول المطالب المصرية الأكثر تشددا.
آخر القول: حركة حسني مبارك في اوروبا نذير شؤم على امتنا العربية وعلى الفلسطينيين فاحذروا يا عرب قادم الايام.
90