يشتكي أعضاء الوفد العربي الوزاري الذي ذهب إلى نيويورك للمطالبة بعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وكيفية وقفه، يشتكي من قيام الولايات المتحدة بعرقلة جهوده، من أجل اتاحة الفرصة لاسرائيل لمواصلة حربها على حد قول السيد محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية.
هذه الشكوى غريبة، وتبدو مفاجئة، مصدر الغرابة والمفاجأة ينبع من هذا الجهل المصطنع من قبل وزراء الخارجية العرب بالادارة الأمريكية الحالية، ومواقفها المؤيدة لهذا العدوان. فمعظم وزراء الخارجية الذين يضمهم هذا الوفد يمثلون دولاً حليفة للولايات المتحدة وشاركت في كل حروبها، ويعرفون جيداً طبيعة سياساتها المعادية للعرب والمسلمين.
ذهاب الوفد الوزاري إلى الأمم المتحدة كان خطأ في الأساس، لانه اتسم بالعشوائية وبهدف الظهور بمظهر من يريد أن يفعل شيئاً، تجاه هذا العدوان الاسرائيلي الذي فجر براكين الغضب في الشارعين العربي والاسلامي.
فكيف يمكن ان نتوقع ان تنجح هذه الخطوة الدبلوماسية العربية في وقف الحرب في القطاع، واسرائيل والولايات المتحدة تدركان جيداً ان معظم الأنظمة العربية الحاكمة تؤيدها، وتريد التخلص من ظاهرة المقاومة والفصائل الفلسطينية التي ترفع لواءها في قطاع غزة.
هذه شكوى ساذجة، تتجاهل حقيقة راسخة مفادها ان معظم الشعوب العربية تعتقد اعتقاداً راسخاً ان دول محور الاعتدال العربي متواطئة مع الولايات المتحدة في اعطاء أطول فترة من الوقت للعدوان الاسرائيلي حتى يتمكن من تحقيق أهدافه في تدمير فصائل المقاومة الفلسطينية، واعادة القطاع مجدداً إلى بيت الطاعة الرسمي العربي، وكنف السلطة المستسلمة في رام الله.
السيناريو نفسه تكرر في صيف عام 2006 عندما غزت القوات الاسرائيلية جنوب لبنان لتحقيق الهدف نفسه، وهو هزيمة المقاومة الاسلامية المتمثلة في حزب الله، فقد بدأت بعض أنظمة الاعتدال العربي تعد العدة لاحتفالات صاخبة بالنصر الاسرائيلي المضمون، أما الولايات المتحدة حليفتها فقد عرقلت صدور اي قرار عن مجلس الامن الدولي بوقف الهجوم الاسرائيلي، ولم يصدر هذا القرار الا بعد فشل العدوان، وتعاظم الخسائر السياسية والمادية والبشرية الاسرائيلية بفعل صواريخ المقاومة التي ضربت العمق الاسرائيلي.
الوفد الوزاري العربي ذهب الى نيويورك دون اي نية لدى الانظمة التي ارسلته لوقف الحرب، بدليل انها لم تتخذ اي خطوات عملية فاعلة للضغط على اسرائيل او الولايات المتحدة، مثل اغلاق السفارات او التهديد بوقف التنسيق الامني او حتى عدم التعاون في المطالب الغربية بتخفيض اسعار النفط، ناهيك عن المطالبة بوقف امداداته.
نبشّر الوفد بان الادارة الامريكية الحالية لن تسمح مطلقا بانجاح مهمته الفاشلة اصلا، لان اسرائيل اختارت الايام الاخيرة من عمر هذه الادارة التي تعتبر الاكثر صداقة وتواطؤا مع مشاريعها العدوانية لتنفيذ مجازرها في القطاع.
فليعد هذا الوفد الى عواصمه، لان بقاءه في نيويورك، عاطلا عن العمل والفعل، هو مضيعة للوقت، ومن الاشرف له ولحكوماته توفير مصاريف اقامته الباهظة، وانفاقها على الشعوب المقهورة الفقيرة، او ارسالها الى ضحايا العدوان في غزة.
qca
qpt99