تسبب عطل في جهاز الكمبيوتر إلى انقطاعي عن التواصل وقراءة الأخبار منذ أسبوع، بداية مر اليوم كأنه دهر فلم أستطع قراءة الجريدة، ولم أعرف ما هو المطلوب لدي في العمل، ضاقت السبل.. فلم أجد سوى صديقي القديم الكتاب فحمدت الله أنني قد ادخرت بعض الكتب الجديدة فاكتشفت أن كمية ما قرأته وجهازي معطل قد تضاعف إلى ثلاثة أضعاف.
أحب الوفاء في العلاقات.. وخاصة للكتاب الذي لازمني كما لازم الكثيرين عندما كان جهاز التلفاز لا يبث إلا قناتين وإن كنا محظوظين قد تظهر قناة احدى دول الخليج، وفي أيام لم نعرف جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الجوال، لازمنا وقت السفر وعلى فراش المرض، لازمنا عند الشعور بالضجر وفي لحظات الشوق وقت السحر.
بعد هذه الرفقة قصر الكثيرون في حقه وقد كنت منهم فترة من الفترات، فلم نعد نتسابق إلى معارض الكتاب، ولم نعد نناقش ما يكتب، بل قد لا يفكر البعض في إنشاء مكتبة منزلية ليستفيد أبناؤه منها، لم يعد للكتاب القيمة السابقة، ولم يعد الجيل الجديد يهتم بشراء الكتب أوقراءتها كما كنا سابقا.. شيء رائع ان نستخدم التكنولوجيا لأن البعض يتعلل بأن الكتب موجودة حاليا الكترونيا.. فلماذا نكدس الأوراق في المنزل؟!
أجيبهم بأن بعضها غير موجود.. بالإضافة فإن الانترنت لا يعتبر مرجعا دسما لمعرفة الكثير .. لذا فالباحث سوف يعود للكتاب المطبوع لا محالة.. كما أنه قد يتعطل الجهاز في المنزل أو العمل، وقد تتعطل كل الاجهزة فنصبح لقمة سائغة يفترسها الملل والندم على إهمال الكتاب والقراءة فيه... لذا أرى بأن المسؤوليات تقسم على أولى الأمر، فالاهل مسؤولون عن تربية أبنائهم على حب القراءة واحترام الكتاب فهو ليس للرسم أو لف الشطائر بل هو للاستنارة والعلم ...فمثلا ماذا لو يخصص وقت قبل النوم للقراءة ونبدأ بأفضل كتاب وهو القرآن الكريم يتدرب الطفل على ترتيل جزء منه.. فليقرأ معه الوالدان.. ولو شيئا يسيرا.. حتى وإن لم يستطع الطفل القراءة ..ثم المدرسة .. تخصص أوقاتا لمكتبة مدرسية فعالة فلا يذهب الطالب لمكتبة المدرسة لمجرد حضور الحصة المقررة عليه بل إن دوره في هذه الحصة هو القراءة لما يحب.. وتكون هناك مسابقات هادفة يتنافس فيها الطلبة على القراءة.
ثم دور المسؤولين عن التعليم لتشجيع القراءة بطرح مسابقات ثقافية تعيد أمجاد أمهات الكتب، وترجعنا لعصر كان الكتاب فيه نفيسا كالجواهر، فيتنافس الطلبة في جميع المراحل الدراسية على القراءة الهادفة وليست القراءة في التخصص أو المواد التي تدرس.
هنيئا لمن مازال يحمل في يده كتاب اثناء سفره او انتظاره لموعد في المستشفى، وهنيئا لمن يبيت ابنه او ابنته على صفحات كتاب.. وهنيئا لمن ينتظر معرض الكتاب ليس لشراء الكتب ليملأ فراغا في مكتبته بل ليملأ عقله علما.
هيام السويدي
كاتبة وباحثة قطرية
qpt25