يستفزّني الإنتباه المتأخر الى الميتين. من يموت منهم حديثاً. يبقى الميت طي النسيان في حياته، حتى يموت موته الأبدي فتستوي في الكتابة عنه عند الجميع، عاطفة الحب والفقد. يموتون فيصبحون في متناول كل من تعوزه مقالة ويحتاج الى حيّز في جريدة. يموتون، وهي الفرصة اخيراً، سانحة للمشتغلين في الصحف لتدبيج ما عجزوا عن تدبيجه في حياة الميت وفي انجازاته. يكثر الحب ويتدفّق التذكر وتنهال الألفة، وهو الموت يوّحد الكتابات في خوضها المنسحب على الميتين كافة. الشاعر الجميل، والروائي العظيم، والصديق الحميم، حتى ليتشّهى واحدنا حياً ما يقال في ميت شبع موتاً. هذه كانت صديقته الحميمة، وذاك رفيق دربه وكاتم أسراره، وآخر اكتشفه بعد موته، ورابع لا يجد ما يقوله من فرط حزنه على الفقيد، مع ذلك تكرّ سبحة كلماته حتى لتفوق كلمات من صدف أن عرفه فعلاً.
لا يخلو الأمر من مُتفجّع عن حق، ومن متألم صادق أو كاتب موضوعي، ثم أن 'مهنة' الكتابة في الصحف، تستدعي على ما نعرف جميعاً للأسف، أن نهبّ هبّة رجل واحد
(وامرأة واحدة) لوداعات الميتين، والراحلين للتّو. والحق، أن هذا عرف صحفي واجب درج عليه الإعلام العربي كما الغربي، سوى هذه المغالاة عندنا، لدرجة الوقوع في المغالطات أحياناً، التي تجعل الكتابة في مطلق راحل أو راحلة، مُتاحة لمجرّد ملء 'هواء' بياض الصفحات، ولكل من عنّت بباله مرثية او مناجاة للروح الذاهبة أو للكتابة لمجرد الكتابة أو لتأبين الذات في ثنايا تأبين الميت.. كلمات التأبين في الصحف الغربية، منتقاة بدقّة وموضوعية، وموكلة الى أكثر الكتّاب قرباً وفهماً من نتاج الراحل او الراحلة وإن لم تعدم بعض الإضاءات الحميمة اللماحة والمقتضبة، على مزايا طبعت الراحل وصفات وسمت حضوره.
لا أستثني نفسي، أنا المشتغلة في الإعلام وتطالني منه تردداته المخجلة أحياناً، فتراني أُقحم مساهماتي السريعة، وإن (على استحياء) في ما كنت وددت لو حُيّدت عنه. سوف يحضر هنا السؤال الذي لا بدّ من حضوره : هل نترك لكاتب رحل، ان يرحل من دون وداع ؟ هل تكريمه بعد مقدمتي الطويلة هذه، ضرب فحسب، من ضروب احتياجاتنا الإعلامية الى ملء شغور الصفحات؟ الحقيقة وببساطة أن رحيل المبدعين الذين أغنوا حياتنا ومفرداتنا لا يحتاج الى هذه الكرنفالات التأبينية والاستعراضات العاطفية. قد تكون كلمة نعي، أو بعض السطور في تعداد اعمال الراحل، أو جملة دافئة، أكثر من كافية، على أن تتبعها من دون استعجال دراسات المختصين والمتابعين الجادين
لأعمال المبدعين الراحلين، يكون مكانها في الدوريات أو الكتيبات أو حتى الكتب بحسب درجة أهمية الراحل وعطاءاته الثقافية والإبداعية عموماً.
الموت الذي مازلنا نفجع من حصوله، رغم أنه القضاء الوحيد الذي لا مفر منه، يجعلنا في غمرة الكتابة المستعجلة عن الراحلين للتو، الكتابة الفورية والمرتجلة، نُفرط في الكلام عن أسرارهم الصغيرة، في الوقت ذاته الذي نتكتّم فيه على إبداعاتهم الكبيرة، وننتهي الى قول أمزجتنا في هذا الراحل أو ذاك، في حين أننا نحن أنفسنا غير واثقين مما نكتب، وفاقدون من فورية الموت وصفعته، لنقطة إرتكاز في كتاباتنا. نكتب، ونصدّق أنفسنا ونترك للكتابة استرسالاتها، فالميت في موته، غير صالح بعد للرّد علينا، ولا للدفاع عن نفسه، ولا هو قادر على تفنيد ما نكتبه عنه أو نورده عن حياته من أسرار شخصية كانت لتبقى بمنأى عن العيون النهمة، لولا تجاسرنا على 'غائب' لا حول له بعد ولا قوة.
مات بسّام حجار والشيء الأكيد أنني أحببت شعره. الباقي تفاصيل لاعلاقة للقارئ بها، لا صداقتنا ولا أسرارنا الصغيرة أو الكبيرة ولا أيّ أمر آخر. سوى انني مع ذلك كتبت اكثر من مجرد أنني أحببت شعره، لأن: 'أحببت شعره' جملة لا تكفي لتكون مقالة في جريدة، أو تأبيناً وافياً لشاعر غاب وانتهى. عذراً أصدقائي الأموات على كل ما ندلقه من كلمات في غيابكم، لكن الصحيح أننا أحببناكم، وكان قليل الكلام يكفي لنعلن ذلك الحب.
a
17 ألف طفل وطفلة لقطاء في السعودية
الرياض- يو بي اي: قالت مسؤولة مبادرة 'إسعاد الأيتام ذوي الظروف الخاصة تحت التأسيس' سلمى محروس سيبيه إن عدد اللقطاء في المملكة وصل إلى نحو 17 ألف طفل وطفلة، مشيرة إلى أن المبادرة التي أطلقها 50 ناشطا سعودياً تهدف إلى رعاية اللقطاء وإعادة النظر في الألقاب الممنوحة لهم ورفع الضرر عنهم.
ووفقاً لسيبيه، فقد التقى وفد المبادرة برئاسة الدكتور تركي السكران بوزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين للحصول على ترخيص لأول جمعية لـ 'اللقطاء' حيث طلبت الوزارة أن تتكون الجمعية في الأساس من لجان نسائية لأنها لا تمنح ترخيصا لجمعية مختلطة، وبحيث تكون هناك لجان مساندة من الرجال.
وأضافت مسؤولة المبادرة في تصريح لها نشرته صحيفة 'الوطن' الخميس أن من أهداف الحملة المبدئية للجمعيـــة والتي يشارك فيها أكاديميون وإعلاميون وحقوقيون من الجنسين التعريف بأوضاع اللقطاء، ومن هم، وما أسباب الوضع الذي وجدوا فيه، ونشر أجر كفالتهم والترغيب في ذلك، والتوعية بفكرة الأسرة البديلة، والعمل على تقبل المجتمع المدرسي لهم، ونشر ثقافة الزواج بهم.
ومن أهداف الحملة كذلك مخاطبة الجهات الرسمية للمطالبة بحقوق الأيتام والمساهمة في التعارف بين الحاضنين لهم ومناقشة قضايا تخص حقوقهم واحتياجاتهم وتيسير زواجهم ونشر قضاياهم ومعالجتها والرد على استفساراتهم إضافة إلى عرض استبيانات تحدد اتجاهات ومشاعر الناس تجاه أبرز قضاياهم ونشر الأبحاث الداعمة لقضاياهم، وإيجاد منبر للأيتام ونشر إنجازاتهم.
a