وفاة ناشط لحماس في سجن للأمن الوقائي بجنين وسط تضارب الروايات عن الاسباب

رام الله ـ 'القدس العربي'من وليد عوض: في ظل تفاقم الصراع الداخلي ما بين حركتي فتح وحماس توفي احد نشطاء حركة حماس الليلة قبل الماضية داخل سجن تابع لجهاز الامن الوقائي الفلسطيني بجنين شمال الضفة الغربية.
ورفضت حماس وعائلة المعتقل محمد الحاج الذي توفي في معتقل الوقائي رواية الاجهزة الامنية التي قالت انه انتحر في سجنه .
واتهم بلال الحاج شقيق المتوفى الاجهزة الامنية بالمسؤولية عن وفاة شقيقه، مطالبا بالكشف عن المتورطين بجريمة 'القتل'، مشيرا الى ان شقيقه ينتمي لحركة حماس وان الاجهزة الامنية اعتقلته خمس مرات اخرها قبل ايام، مضيفا ان آثار كدمات ظهرت على خاصرته خلال وجوده في ثلاجة الموتى في مستشفى جنين، مؤكدا ان الاعتقال جاء على خلفية سياسية.
واعلن مصدر امني فلسطيني مسؤول وفاة الحاج، وقال 'اقدم المعتقل محمد عبد الجميل الحاج (30 عاما) من جلقموس على الانتحار، ما ادى الى وفاته في سجن الامن الوقائي بجنين'، ومضيفا 'ان الامن الفلسطيني نقله الى المركز الطبي لاجراء الفحوصات اللازمة، والتأكد من سبب الوفاة'.
من جهته اصدر محافظ جنين قدوره موسى بيانا حول ظروف وملابسات وفاة الشاب الحاج، مؤكدا اقدامه على الانتحار داخل غرفة التوقيف، بشنق نفسه بواسطة شريط من القماش داخل غرفة التوقيف، مستغلا غياب حارس الغرف لفترة من الزمن.
واوضح انه عقد جلسة لقادة الاجهزة الامنية، حضرها كل من اللواء ابو الفتح، واللواء زياد هب الريح، واللواء زياد فرج، واعلن عن فتح تحقيق رسمي في الظروف التي ساهمت بانتحار الحاج، مضيفا انه جرى اطلاع عائلة المتوفى على مجريات الامور من بداية اكتشاف الامر، حيث حضر عدد من ابناء عائلة الحاج، وتم الحديث اليهم حول ما جرى، وانهم تفهموا الامر، وتم الاتفاق معهم على تشريح الجثة، مع الحفاظ على حق العائلة بانتداب اطباء من طرفهم للمشاركة، وحضور التشريح.
وقال البيان 'ان لجنة من نقابة الاطباء، وطبيب من الطب العدلي في جامعة النجاح الوطنية، ومندوبين من منظمات حقوق الانسان، سيشرفون على عملية التشريح، وفحص الاسباب التي ادت للوفاة'.
وعزا البيان اسباب التأخر في التشريح، الى ان احد اخوة المتوفى اعترض على تحويل الجثمان الى معهد الطب العدلي بجامعة النجاح الوطنية، وطالب بحضور خبير في التشريح، بواسطة جمعية الحق.
وبين البيان ان شقيق المتوفى، وفي اعقاب نقاش داخل عائلة الحاج، وافق على التشريح بحضور اطباء من طرف العائلة ومنظمات حقوق الانسان، دون الانتظار لاحضار خبير دولي، داعيا الجميع لانتظار نتائج معهد الطب العدلي.
واوضح ان الجهات الامنية سمحت لمدير مكتب الشمال في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان بالكشف على الجثة وتصويرها، والحصول على كافة البيانات المتعلقة بالمتوفى، والاطلاع على تفاصيل ظروف الحادث والتقارير الطبية اثناء التوقيف وقرار النيابة العسكرية بالتوقيف، وغيرها من المستندات.
ونوه البيان الى ان الحاج كان قد اعتقل عدة مرات على خلفية مخالفات للقانون، وسبق له ان قام بتسليم قطعة سلاح، ووقع على تعهد بعدم ارتكاب اي مخالفات امنية تؤثر على الامن العام والمصلحة الوطنية.
واشار الى ان الحاج، وبعد ان تم اطلاق سراحه بعد ذلك، عاد الى نشاطه من جديد بصورة مخالفة للقانون، مضيفا ان الاجهزة الامنية اعادت اعتقاله في السادس من الشهر الحالي بعدما تاكدت انه لم يلتزم بما تعهد به من عدم ممارسة نشاطات مخالفة للقانون.
ومن جهتها اتهمت حركة حماس جهاز الامن الوقائي بتعذيب الحاج حتى وفاته وقالت انه 'تعرض للتعذيب الشديد حتى الموت اثناء التحقيق معه'.
وقالت عائلة الحاج ان ابنها محمد معتقل في سجن 'الوقائي' بجنين منذ يوم الخميس الماضي وهي لا تعرف ماذا حل به حتى الآن.
وشنت اجهزة الامن الفلسطينية حملة اعتقالات مؤخرا طالت العشرات من نشطاء حماس في معظم المحافظات الفلسطينية في حين بلغ عدد المعتقلين من حماس حوالي 600 معتقل. واكدت حركة حماس في الضفة الغربية المحتلة انها لن تشارك في اي حوارات داخلية فلسطينية 'قبل تبييض سجون الضفة ووقف الحملة الاستئصالية بحق حركة حماس'.
وقال رافت ناصيف، عضو القيادة السياسية لحركة 'حماس'، في تصريح صحافي مكتوب: 'على ضوء تصاعد الاساليب الهمجية في تعذيب ابنـاء حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' في سجون الاجهزة الامنية في الضفة الغربية والتي ذهب ضحيتها عدد من ابنـاء حركة حماس، وفي ضوء المعاناة التي يعيشها المئات من ابناء الحركة وانصارها في هذه السجون الظالمة واستخدام كافة اساليب التعذيب والتنكيل بحقهم؛ فاننا في حركة حماس نؤكد اننا لن نذهب ولن نشارك في اي حوارات قبل تبييض سجون الاجهزة الامنية في الضفة الغربية ووقف الحملة الاستئصالية بحق حركة حماس'.
وجاء هذا الموقف بعد ساعات من الاعلان عن وفاة الحاج في معتقل الامن الوقائي في جنين حيث شدد فوزي برهوم، الناطق باسم حماس في تصريح صحافي مكتوب ان وفاته تعتبر 'ردا مباشرا وسريعا على كل الجهود المبذولة للمصالحة والوحدة الوطنية ومحاولة لنسفها وتدميرها، وان هذه الجريمة تكشف النقاب عن الوجه الاسود والقبيح لفريق رام الله واجهزته الامنية العميلة للاحتلال'.
وحمّل المتحدث باسم 'حماس' الاجهزة الامنية الفلسطينية وقيادتها في الضفة الغربية 'المسؤولية الكاملة عن تعذيب ابن حماس الشهيد المجاهد 'محمد الحاج' ابن جنين حتى الموت وكل تداعيات هذه الجريمة، ونستهجن امعان هذه الاجهزة في جرائمها عبر ادعائها بان الشهيد 'محمد الحاج' قد انتحر والذي ننفيه بالمطلق لان الانتحار غير وارد مطلقـا في قاموس ابناء حماس الذين تربوا في المساجد وعلى حب الدين والوطن وعلى التضحية والفداء'.
واكد برهوم على ان 'هذه السياسة الاجرامية المتواصلة لهذه الاجهزة الامنية ومرجعياتها العميلة انما هو بمثابة الاستمرار في تصفية حركة حماس واقصائها عبر مسلسل الاعتقالات والتعذيب والقتل والتنسيق الامني الخطير مع الاحتلال والذي ينمّ عن اجندتها الخارجية ومشاريعها التدميرية، ولا يمكن ان تكون في يوم من الايام امينة على مصالح شعبنـا او تحمي امن المواطن الفلسطيني فهي فقط عبارة عن اداة بوليسية قمعية لحماية الاحتلال وتدمير المقاومة'. وطالبت 'حماس' جميع الفصائل الفلسطينية والمنظمات الحقوقية والانسانية والصليب الحمر 'بان يعملوا على الكشف عن مصير المئات من قيادات ورموز وابناء الحركة وانصارها المعتقلين في سجون الاجهزة الامنية في الضفة الغربية.
ومن جهته حمّل الدكتور احمد بحر، رئيس المجلس التشريعي بالانابة الرئيس الفلسطيني محمود عباس كامل المسؤولية عن وفاة الحاج واضاف قائلا 'تتواصل جرائم الاجهزة الامنية التابعة لمحمود عباس رئيس السلطة المنتهية ولايته في ارتكاب الجرائم ضد المواطنين الفلسطينيين، واستمرار اعتقال مئات المجاهدين والمقاومين والتضييق على عائلاتهم وتعريضهم لتعذيب شديد، والتي كان اخرها مساء هذا اليوم الاحد واستشهاد المجاهد محمد عبد الجميل الحاج في سجون الوقائي بالضفة الغربية اثر التعذيب الشديد الذي تعرض له'.
وكان بيان رسمي لجهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية اكد الليلة قبل الماضية ان 'الموقوف لدى الامن الوقائي محمد عبد الجميل الحاج من قرية جلقموس بمحافظة جنين شمال الضفة الغربية اقدم على الانتحار شنقا داخل السجن في جنين'.
ومن جهتها طالبت حركة فتح بالتحقيق في الحادث حيث دعا امناء سر الحركة في الضفة الغربية، السلطة الوطنية بفتح تحقيق فوري لمعرفة اسباب وفاة محمد الحاج في سجن الامن الوقائي في جنين، وفتح تحقيق بمقتل مئات المواطنين بقطاع غزة على يد حركة حماس وكتائب القسام التابعة لها وآخرهم 27 مواطنا ابان الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة على حد قولهم.
واشارت الحركة في بيان صحافي الاثنين الى ان مؤسسة الضمير لحقوق الانسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، وبرنامج غزة للصحة النفسية، اكدوا على تدهور حالة حقوق الانسان على المستوى الداخلي في قطاع غزة خلال العدوان الاسرائيلي الواسع وغير المسبوق في قسوته ودمويته.
واعلن في قطاع غزة الاثنين عن وفاة المواطن نهاد سعدي الدباكي (48 عاما) جراء التعذيب في احد سجون حماس بقطاع غزة وفق ما اكدته وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية 'وفا' التي تسيطر عليها حركة فتح.
وحسب الوكالة 'كانت مليشيات حماس اختطفت المواطن الدباكي، وهو اب لعشرة ابناء، من منزله في مخيم المغازي وسط قطاع غزة قبل ثلاثة ايام، واخضعته لتعذيب وحشي ما ادى الى وفاته'.
وفيما يسقط الضحايا في الضفة الغربية وقطاع غزة اطلق مسلحون مجهولون النار صباح الاثنين على سيارة ابراهيم سلامة (45 عاما) مدير عام وزارة الداخلية في محافظة نابلس خلال مروره بشارع القدس جنوب نابلس. وقال سلامة ان مسلحين مقنعين اطلقوا عدة طلقات نارية باتجاه سيارته وهي 'جيب فضي اللون' خلال قدومه الى نابلس من شارع القدس، دون وقوع اصابات، مشددا على ان اطلاق النار صوب سيارته يهدف الى العبث بامن البلد، مضيفا ان هذا الحادث هو مجرد 'زعرنة' تستهدف الامن الذي تحقق في نابلس بجهود الاجهزة الامنية.
وفي ذات السياق اطلق مسلحون مجهولون عدة طلقات نارية على سيارة بلال عامر الضابط في جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، وهي متوقفه امام منزله في منطقة الضاحية بالقرب من بلدة كفر قليل جنوب نابلس.
وقالت مصادر محلية ان ثلاث رصاصات اطلقت على سيارة عامر وهي من نوع 'بولو' بيضاء اللون، وان الاجهزة الامنية الفلسطينية فتحت تحقيقا لمعرفة ملابسات الحادث.
ودانت حركة فتح في نابلس في بيان صحافي عمليات اطلاق النار التي تعرض لها ابراهيم سلامة مدير عام داخلية نابلس، اثناء توجهه لمقر الوزارة بنابلس، وعملية اطلاق النار التي تعرضت لها سيارة بلال عامر في كفر قليل بنابلس.
واشارت الحركة الى انها تنظر بعين الخطورة للحادثين المذكورين، وطالبت الجهات المعنية المباشرة في التحقيق بملابسات الحادثين من اجل القاء القبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة.
يذكر ان مسلحين كانوا قد اطلقوا النار على مقر جريدة الحياة الجديدة في مدينة البيرة برام الله في وقت مبكر من فجر الاحد ما ادى الى وقوع اضرار مادية دون تسجيل اصابات، وهي المرة الثانية خلال شهر ونصف الشهر، وقد فتحت الشرطة الفلسطينية تحقيقا في الحادث.

50