تواجه الحكومة المصرية موقفا صعبا على الصعيدين الداخلي والخارجي بسبب اصرارها على اغلاق معبر رفح الحدودي وعرقلة وصول المساعدات الانسانية والطبية الى ابناء قطاع غزة، حتى بعد شن اسرائيل عدوانها عليهم، وتزايد أعداد القتلى والجرحى باشكال مرعبة من جراء القصف الجوي والبري والبحري.
فهذه هي المرة الاولى، ومنذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد عام 1979، تتعرض هذه الحكومة لهجمات اعلامية مكثفة من صحف مصرية وعربية، وتواجه سفاراتها اعتصامات ومظاهرات شبه يومية تدين اغلاق المعبر، وعدم تحركها لنجدة اشقائها في قطاع غزة.
المسؤولون المصريون، والناطقون باسم الحكومة على وجه التحديد، اثبتوا فشلا ذريعا في الدفاع عن الموقف الرسمي المصري ليس لانه موقف لا يمكن الدفاع عنه فقط، وانما لانهم لجأوا الى تزوير الحقائق واعطاء صور مخالفة لما يحدث على ارض الواقع ايضا.
فعندما يقف المتحدث باسم الحكومة المصرية ويقول ان معبر رفح مفتوح من الجانب المصري، ومغلق من الجانب الفلسطيني، فإنه يستغفل الرأي العام العربي والعالمي ايضا، ويعتقد ان الناس على درجة كبيرة من السذاجة بحيث تنطلي عليهم مثل هذه المغالطات المكشوفة.
ففي واقع الحال لا توجد قوات فلسطينية على الجانب الآخر من المعبر، والقصف الاسرائيلي، الجوي منه والبري، لم يترك بيتا لمسؤولي حماس الا ودمره بالصواريخ، بعد ان دمر كل مواقع الشرطة والوزارات والمجلس التشريعي الفلسطيني. وشن غارات متواصلة على طول محور صلاح الدين الحدودي او (فيلادلفيا) حسب التسمية الاسرائيلية لتدمير الانفاق الفلسطينية.
اما الذريعة الاخرى التي تتذرع بها الحكومة المصرية لاغلاق المعبر ومنع مرور جميع المساعدات الانسانية بالسرعة المطلوبة نظرا للحاجة الماسة اليها، فهي تلك التي تقول ان معبر رفح مخصص لمرور الاشخاص وليس الشاحنات، وهي مغالطة اخرى مخجلة بكل المقاييس، فقد شاهدنا حافلات الحجاج تدخل من المعبر دون اي عائق، كما شاهدنا شاحنات محملة بالمساعدات تمر ايضاً امام عدسات التلفزة. وحتى لو افترضنا ان المعبر مخصص للأفراد، فماذا يمنع ان تفتح الحكومة معبراً للشاحنات بجانبه وهي التي بنت سوراً بطول عشرة كيلومترات وعلو ثلاثة امتار في ايام معدودة لمنع الفلسطينيين من الانتقال الى الجانب الآخر من الحدود؟
الحكومة المصرية مرتبكة، وتضع نفسها في موضع حرج ومعيب في الوقت نفسه، ليس فقط بالاستمرار في اغلاق المعبر ومنع مواد الاغاثة والأطباء ومعداتهم الطبية، من الدخول لعلاج الجرحى المقدرة اعدادهم بالآلاف، وانما باللجوء الى الاكاذيب والمغالطات لتبرير مواقفها هذه.
مصر العظمى صاحبة التاريخ المشرف في نصرة الضعفاء والمظلومين والانتصار لهم في كل المحافل والميادين، بل وحتى خوض الحروب، لا تستحق مثل هذه المواقف المهينة من قبل حكومتها، وفي مثل هذا الظرف الاستثنائي حيث يتعرض ابناء قطاع غزة، الذين تقع حمايتهم على عاتقها قانونيا واخلاقيا لمجازر غير مسبوقة.
qca
qpt99